لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة}، وهي في ذلك كله حرف ابتداء لا عاطفة على الصحيح ...
ثم إن تقدمها أمر أو إيجاب، كاضرب زيدا بل عمرا، وقام زيد بل عمرو فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه، فلا يحكم عليه بشيء وإثبات الحكم لما بعدها. وإن تقدمها نفي أو نهي فهي لتقرير ما قبلها على حالته وجعل ضده لما بعدها، نحو: ما قام زيد بل عمرو، ولا يقم زيد بل عمرو ...».
قال الرضى في شرح الكافية ٢: ٣٥١: «وأما (بل) فإما أن يليها مفرد أو جملة، وفي الأول هي لتدارك الغلط، ولا يخلو إما أن تكون بعد نفي أو نهي، أو بعد إيجاب أو أمر.
فإن جاءت بعد إيجاب، أو أمر، نحو: قام زيد بل عمرو فهي لجعل المتبوع في حكم المسكوت عنه منسوبًا حكمه إلى التابع، فيكون الإخبار عن قيام زيد غلطا، يجوز أن يكون قد قام وأن لم يقم. أفدت ببل أن تلفظك بالاسم المعطوف عليه كان غلطًا عن عمد أو عن سبق لسان».
وقال في ص ٣٥٢: «إذا عطفت ببل مفردا بعد النفي والنهي فالظاهر أنها للإضراب أيضًا، ومعنى الإضراب: جعل الحكم الأول موجبا كان أو غير موجب كالمسكوت عنه بالنسبة للمعطوف عليه. ففي قولك: ما جاءني زيد بل عمرو أفادت (بل) أن الحكم على زيد بعدم المجيء كالمسكوت عنه، يحتمل أن يصبح هذا الحكم فيكون غير جاء، ويحتمل أن لا يصح، فيكون قد جاءك ...
وقال ابن مالك: (بل) بعد النفي والنهي كلكن بعدهما، وهذا الإطلاق منه يعطي أن عدم مجيء زيد في قولك: ما جاءني زيد بل عمرو متحقق بعد مجيء (بل) أيضًا، كما كان كذلك في: ما جاءني زيد لكن عمرو بالاتفاق».
وقال أيضًا ص ٣٥٢: «وأما (بل) التي تليها الجمل ففائدتها الانتقال من جملة إلى أخرى أهم من الأولى، وقد تجيء للغلط، والأولى تجيء بعد الاستفهام أيضًا، كقوله تعالى: {أتأتون الذكران من العالمين ... بل أنتم قوم عادون}.