والصلف١، وإما ألا ينازعوك, ويخلوا في يديك ما ادعيت من الأمور، فينكشف منك التصنع والمعجزة.
واستحِ الحياء كله من أن تخبر صاحبك أنك عالم, وأنه جاهل: مصرحًا أو معرضًا.
وإن استطلت على الأكفاء, فلا تثقن منهم بالصفاء.
وإن آنست من نفسك فضلًا فتحرَّج٢ أن تذكره, أو تبديه, واعلم أن ظهوره منك بذلك الوجه يقرر لك في قلوب الناس من العيب أكثر مما يقرر لك من الفضل.
واعلم أنك إن صبرت, ولم تعجل ظهر ذلك منك بالوجه الجميل المعروف عند الناس.
ولا يخفين عليك أن حرص الرجل على إظهار ما عنده, وقلة وقاره في ذلك, باب من أبواب البخل واللؤم.
وأن من خير الأعوان على ذلك السخاء والتكرم.
وإن أردت أن تلبس ثوب الوقار, والجمال, وتتحلى بحلية المودة عند العامة, وتسلك الجدد٣ الذي لا خبار٤ فيه, ولا عثار, فكن عالمًا كجاهل, وناطقا كعييٍّ.
فأما العلم, فيزنك, ويرشدك. وأما قلة ادعائه, فتنفي عنك
١ الصلف: ادعاء المرء فوق قدره تكبرًا.
٢ تحرَّج: تجنب الإثم.
٣ الجدد: الأرض المستوية.
٤ الخبار: ما استرخى من الأرض.