ذِكره في رواية سفيان من هذا الحديث , فيَحتمل إلى ما ذكرناه من الوُجوه أن يكون إنما خصّ ما بعد العصر بهذا الحُكم , لأنه آخر النهار , وهو الوقت الذي ينصرف فيه التجار والباعة إلى منازلهم , بما كسبوه بياض نهارهم من رِبح وفضل , وربما يتَّفِق أن يكون التاجر في بعض الأيام لا يَستنفِق سُوقا , ولا يستفضِل رِبْحا , فإذا أمسى ونفقته في غالب العادة إنما هي كسب يومه , ورِبح نهاره , ويكره أن يجعلها من صُلب ماله , وأصل بضاعته , فتَنْفَق له في ذلك الوقت الصّفقة فيُروِّجها باليمين الكاذبة حِرصا على ما ينال فيه من رِفق , فيوتِغ بذلك دينه , ونسأل الله السلامة من آفة الحِرص , وأن يرزقنا تعظيم ما عظّمه الله من أمر الدنيا بفضله ورحمته.
وقوله: " أمنعُك فضلي , كما مَنَعت فضل ما لم تعمله يداك " , فإن فيه كالدليل على أنّ الأمر في ذلك من باب الأمر في ذلك من باب الأمر بالمعروف , لا على سبيل الوجوب.
ومعنى قوله: " لم تَعمله يداك " , أي: أن الله عزّ وجلّ هو الذي خلق الماء , وأنزله من السماء , وأنبعه من العُيون , كقوله: {أفرأيتم الماء الذي تشربون ءأنتم أنزلتموه من المُزن أم نحن المنزِلون}. يقول: إذا كنت لم تُعطَ الماء بكدّك وكدحِك , وإنما