من فحوى كلامه وذلك انه اذا قال: هذا الله خلق فمن الذي خلقه؟ فقد نقض بأول كلامه آخره وأعطى أن لا شئ يتوهم دخوله تحت هذه الصفة من ملك وإنس/ وجن ونوع من أنواع الحيوان
الذي يتأتى منه فعل لأن جميع ذلك واقع تحت اسم الخلق ,فلم يبق للمطالبة مع هذا محل ولا قرار.
وأيضا فلو جاز على هذه المقدمة أن يسأل فيقال من خلق الله؟ فيسمى شئ من الأشياء يدعى له هذا الوصف للزم أن يقال: ومن خلق ذلك الشئ ولامتدّ القول في ذلك إلى مالا يتناهى , والقول بما لا يتناهى فاسد , فسقط السؤال من أصله.
ومما كان يقال) لمن) يسأل هذا السؤال إنما وجب إثبات الصانع الواحد لما اقتضاه أوصاف الخليقة من سمات الحدث الموجبة أن لها محدثا فقلنا إن لها خالقا ونحن لم نشاهد الخالق عيانا فنحيط بكنهه ولم يصح لنا أن نصفه بصفات الخلق فيلزمنا أن نقول إن له خالقا , والشاهد لا يدل على مثله في الغائب , وإنما يدل على فعله , والاستدلال إنما يكون بين المختلفات دون المشتبهات, والمفعول لا يشبه فاعله في شئ من نعوته الخاصة,
فبطل ما يقع في الوهم من اقتضاء خالق لمن خلق الخلق كله , ولو صرنا نكثر في هذا لدخلنا في نوع ما نهينا عنه فيما رويناه من الحديث فإذن ننتهي إلى ما أمرنا به من حسم هذا الباب في مناظرة الشيطان لجهله وقلة إنصافه وكثرة شغبه ,