وقوله: إذا أرسلت كلبك وسمَّيت فكُل, فإن ظاهره يُوجب أنه إذا لم يكن سمَّى لم يَحلَّ أكله. وإليه ذهب أصحاب الرأي إلا أنهم قالوا: إن لم يكن تَركُه التسمية عَمدًا جاز أكله, وتأوله من لا يرى التسمية باللسان إرساله للكلب على قصد الاصطياد لا يكون في ذلك لاهيًا أو لاعبًا لا قصد له في ذلك.
وقوله: فإن أكل فلا تأكل, فيه البيان أن الكلب إذا أكل من الصيد حَرُم أكله لأنه إنما أمسكه على نفسه. وإنما قال الله عز وجل: (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)
وكذلك الحكْم في الفهد (وما) كان معناهُما من جوارح السِّباع واختلفوا في جوارح الطير فقال بعضهم: حكمها حكم الكلاب في أن لا تُؤكل.
وذهب آخرون: إلى أنه يُؤكل وإن كانت منه لأنه البازي يُعلم بالطعم, والكلب يعلَّم بترك الطعم.
فأما إذا خالط الكلب المعلم, الذي أرسله صاحبه كلاب أُخر فشاركته في قتل الصيد, فإنه لا يُؤكل لأن أصل المصيد على الحظر فلا يُؤكل إلا بيقين وقوع الذكاة, فهما تيقَّن (وقوعها) على الشرط الذي أباحته الشريعة, وإلا فهو على أصله في الحظر.