وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخو المسلم لا يَظلمه، ولا يُسلمه". رواه البخاريّ. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من غشّنا فليس منا" إلى غير ذلك. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أشار الشيخ المعلّميِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى إلى أن احتجاج المصنّف بهذا الحديث لغرضه من إلزام الخصم غير مسلّم؛ لأن هذا الحديث ليس تصحيحه لما ادّعاه، بل لما احتفّ به من الشواهد، فلا يتمّ به الاستدلال، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنّف رحمه الله تعالى:
(وَأَسْنَدَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا).
إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:
ضرب رَحِمَهُ اللهُ تعالى أيضًا مثالًا آخر لإلزام خصمه أيضًا -حسبما رآه- وذلك أن سليمان بن يسار روى حديثًا معنعنًا عن رافع بن خديج -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو حديث صحيح عند أهل العلم، مع أنه لم يثبت سماع سليمان من رافع -رضي الله عنه-، وهو في نظر المنتحل ضعيف؛ لما سبق. هذا خلاصة ما أشار إليه، وسيأتي الجواب عنه قريبًا -إن شاء الله تعالى-.
إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:
(وَأَسْنَدَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ) الهلالي، أبو أيوب، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو عبد الله المدني، مولى ميمونة، ويقال: كان مكاتبا لأم سلمة، روى عن ميمونة، وأم سلمة، وعائشة -رضي الله عنها-، وفاطمة بنت قيس، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، وجابر، وعبد الله بن عباس، وغيرهم.
وروى عنه عمرو بن دينار، وعبد الله بن دينار، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وأبو الزناد، وبكير بن الأشج، وجعفر بن عبد الله بن الحكم، وغيرهم.
ذكر أبو الزناد أنه أحد الفقهاء السبعة، أهل فقه، وصلاح وفضل. وقال الحسن ابن محمد بن الحنفية: سليمان بن يسار عندنا أفهم من ابن المسيب، وكان ابن المسيب يقول للسائل: اذهب إلى سليمان بن يسار، فإنه أعلم من بقي اليوم. وقال مالك: كان سليمان من علماء الناس بعد ابن المسيب. وقال أبو زرعة: ثقة مأمون، فاضل عابد. وقال الدوري عن ابن معين: ثقة. وقال النسائي: أحد الأئمة. وقال ابن حبان في
(١) راجع "رسالة المعلمي" ص ٣٧٣ - ٣٧٤.