وجمعه أسماء، وجمع الأسماء أَسَامٍ. وحكى الفرّاء: أُعيذك بأسماوات الله (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الثامنة: في الكلام على اشتقاق لفظة "اسم"
اعلم: أنهم اختلفوا فيه على وجهين: فقال البصريّون: مشتقّ من السموّ، وهو العُلُوّ والرِّفْعة، فقيل: اسم؛ لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به. وقيل: لأن الاسم يسمو بالمسمّى، فيرفعه عن غيره. وقيل: إنما سمّي الاسم اسمًا لأنه علا بقوّته على قسمي الكلام: الحرفِ والفعلِ، والاسم أقوى منهما بالإجماع؛ لأنه الأصل فلعلوّه عليهما سمي اسمًا، فهذه ثلاثة أقوال.
وقال الكوفيّون: إنه مشتقّ من السِّمَة، وهي العلامة؛ لأن الاسم علامة لمن وُضع له، فأصل "اسم" على هذا "وَسْمٌ"، والأول أصحّ؛ لأنه يقال في التصغير: سُمَيٌّ، وفي الجمع أسماء، والتصغير والجمع يردّان الأشياء إلى أصولها، قلا يقال: وُسَيمٌ، ولا أَوْسَامٌ.
وإلى هذا أشار بعضهم بقوله من الرجز:
وَاشْتَقَّ الاسْمَ مِنْ سَمَا الْبَصْرِيُّ ... وَاشْتَقَّهُ مِنْ وَسَمَ الْكُوفِيُّ
وَالْمَذْهَبُ الْمُقَدَّمُ الْجَلِيُّ ... دَلِيلُهُ الأَسْمَاءُ وَالسُّمَيُّ
قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: ويدلّ على صحّته أيضًا فائدة الخلاف، وهي أن من قال: الاسم مشتقّ من السموّ يقول: لم يزل الله عز وجل موصوفًا قبل وجود الخلق، وبعد وجودهم، وعند فنائهم، ولا تأثير لهم في أسمائه، ولا في صفاته. وهذا قول أهل السنّة. ومن قال: الاسم مشتقّ من السِّمَة يقول: كان الله في الأزل بلا اسم، ولا صفة، فلما خلق الخلق جعلوا له اسمًا، وصفات، فإذا أفناهم بقي بلا اسم، ولا صفة. وهذا قول المعتزلة، وهو خلاف ما أجمعت عليه الأمّة، وهو أعظم في الخطأ من قولهم: إن كلامه مخلوق. تعالى الله عن ذلك.
وعلى هذا الخلاف وقع الكلام في الاسم والمسمَّى، فذهب أهل الحقّ -فيما نقل القاضي أبو بكر بن الطيّب- إلى أن الاسم هو المسمّى، وارتضاه ابن فُورَك، وهو قول أبي عُبيدة، وسيبويه، فإذا قال قائل: الله عالم، فقوله دالّ على الذات الموصوفة بكونه عالمًا، فالاسم كونه عالمًا، وهو المسمّى بعينه. وكذلك إذا قال: الله خالقٌ، فالخالق هو الربّ، وهو بعينه الاسم. فالاسم عندهم هو المسمّى بعينه من غير تفصيل.
(١) "الجامع لأحكام القرآن" ج ١ ص ١٠٠ - ١٠١.