يتعدّي، وهَجَمت العين هُجُومًا: غارت، وهَجَم البَرْدُ هُجُومًا: أسرع دخوله، وهَجَمت الرجل هَجْمًا: طردته، وهَجَم: سَكَتَ، وأطرق، فهو هاجمٌ. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكره الفيّوميّ من ضبط "يَهْجُمُ" بضم الجيم هو الذي ذكره غيره من أهل اللغة، وضبطه النوويّ في "شرحه" بكسر الجيم، وقال: هكذا ضبطناه، وهكذا هو في نُسَخ بلادنا، وأصولها (١).
قلت: هذا الذي ذكره النوويّ من ضبط "يهجم" بكسر الجيم لم يُثبته أهل اللغة، بل نبّه بعضهم على أنه غلطٌ، فقد نقل محمد المرتضى في "شرح القاموس" عن شيخه الفاسيّ في شرحه لـ "القاموس" أنه من باب كتب، قال: وهو الصحيح الذي جزم به أئمة اللغة قاطبة، فرواية بعض الرواة إياه في "صحيح مسلم" بكسر المضارع، كيضرب لا يُعتدّ به، ولا يُلتَفت إليه، وإن جرى عليه بعض عامّة أهل الحديث. قال المرتضى: ولكن المضبوط في نسخ "الصحاح" كلها هجمت على الشيء بغتة أهجم هُجُومًا بكسر الجيم من "أهجم"، فهذا يقوّي ما ذهب إليه بعض رواة مسلم، فتأمّل ذلك. انتهى (٢).
وذكر القاضي عياضٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى أنه رُوي كذا، ورُوي "يَنْهَجِم" بنون بعد الياء، قال: ومعنى "يَهْجُمُ": يقع عليها، ويبلغ إليها، ويَنال بُغيته منها، يقال: هجمت على القوم: إذا دخلت عليهم. قال ابن دُريد: يقال: انهجم الخباء: إذا وقع، وهجمت ما في خِلْف الناقة: إذا استقصيت حَلْبَهُ. انتهى (٣).
(بِمَا أُوتِيَ) بالبناء للمفعول، والجارّ متعلّق بـ "يهجم"، والباء سببية (مِنْ ذَلِكَ) الإشارة إلى بعض التيقّظ والمعرفة، والجارّ متعلق بـ "أوتي" (عَلَى الْفَائِدَةِ) متعلّق بـ "يهجم" أي يقع على الفائدة بسبب ما أوتيه من التيقظ والفهم (في الِاسْتِكْثَارِ) تعلّق بصفة لـ "الفائدة": أي الفائدة الكائنة في الاستكثار (مِنْ جَمْعِهِ) أي جمع أنواع الحديث.
تنبيه: ذكر النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى مما يتعلّق بكلام المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى هذا كلامًا نفيسًا، حيث قال:
وحاصل هذا الكلام، الذي ذكره مسلم رَحِمَهُ اللهُ، أن المراد من علم الحديث تحقيق معاني المتون، وتحقيق علم الإسناد، والمعلل، والعلة عبارة عن معنى في الحديث، خَفِيّ، يقتضي ضعف الحديث، مع أن ظاهره السلامة منها، وتكون العلة تارة في
(١) "شرح مسلم" للنوويّ ١/ ٤٧.
(٢) راجع "تاج العروس من جواهر القاموس" ٩/ ٩٨.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٨٩.