أبيه، عن جدّه، وبهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، وإياس بن معاوية بن قرّة، عن أبيه، عن جده، وأجدادهم صحابيون.
قال رحمه الله تعالى: فهذه الأقسام الخمسة مخرّجة في كتب الأئمة، محتجّ بها، وإن لم يُخَرَّج منها في "الصحيحين" حديث.
قال: والخمسة المختلف فيها: المراسيل، وأحاديث المدلسين، إذا لم يذكروا سماعهم، وما أسنده ثقة، وأرسله جماعة من الثقات غيره، وروايات الثقات غيرِ الحفّاظ العارفين، وروايات المبتدعة، إذا كانوا صادقين انتهى كلام الحاكم باختصار (١).
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى بعد نقل كلام الحاكم: فهذه الأقسام الخمسة -كما قال- مما اختَلَف الفقهاء، والمحدثون في قبولها، والحجة بها، ووقع في "الصحيحين" منها شيء هو مما استُدرك عليهما. وقد ترك الحاكم منها مما اختُلف فيه رواية المجهولين. انتهى (٢).
وقال أبو عليّ الغسَّاني رحمه الله تعالى: الناقلون سبع طبقات: ثلاث مقبولة، وثلاث متروكة، والسابعة مختلف فيها.
فالأولى: أئمة الحديث، وحفّاظه، وهم الحجة على من خالفهم، ويقبل انفرادهم.
الثانية: دونهم في الحفظ والضبط؛ لَحِقهم في بعض روايتهم وَهْمٌ (٣)، وغَلَط، والغالب على حديثهم الصحة، ويُصَحَّحُ ما وَهِموا فيه من رواية الطبقة الأولى، وهم لاحقون بهم.
الثالثة: جَنَحَت إلى مذاهبَ من الأهواء، غير غالية، ولا داعية، وصحّ حديثها، وثبت صدقها، وقلّ وَهْمُها، فهذه الطبقة احتمل أهل الحديث الرواية عنهم، وعلى هذه الطبقات الثلاث يدور نقل الحديث، وإليه أشار مسلم في صدر "كتابه" إلى قَسْمه الحديث على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات، فلم يُقدَّر له إلا الفراغ من الطبقة الأولى، واخترمته المنية.
(١) "المدخل إلى كتاب الإكليل" ص ٤١ - ٥٠.
(٢) "مقدمة إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم" ص ١٤٢ - ١٤٣.
(٣) بسكون الهاء، مصدر وهَمَ إلى الشيء يَهِم وَهْمًا، من باب وَعَد: إذا ذهب وهمه إليه، وهو يريد غيره، ويقال: وَهِمُ يَهِمُ وَهَمًا بالتحريك، كغَلِطَ يغلَط غَلَطًا وزنا ومعنى، والمناسب هنا الأول؛ لعطف الغلط، والأصل في العطف المغايرة.