وقوله (من) بفتح الميم، اسم موصول في محل رفع فاعل "يصدر" (غَبي عليه) - بفتح الغين المعجمة، وكسر الباء، من باب تعب: أي خفي عليه. قال في "اللسان": غبي الشيء، وغبي عنه، كرضي غِبًا، وغَبَاوَةً: لم يفطن له، قال الشاعر من الرجز:
فِي بَلْدَةٍ يَغْبَى بِهَا الْخِرِّيتُ
أي يخفى. وقال ابن الرقاع من الطويل:
أَلَا رُبَّ لَهْوٍ آنِسٍ وَلَذَاذَةٍ ... مِنَ الْعَيْشِ يُغْبِيهِ الْخِبَاءُ الْمُسَتَّرُ
وغَبِيَ الأمر عني: خَفِي، فلم أعرفه. انتهى (١).
وذكر السنوسي في "شرحه": أنه يروى "عيي" بالعين المهملة، وياءين مثناتين، ويروى "عمي"، "بالعين والميم". انتهى (٢).
وقوله (طريق أهل العلم) بالرفع فاعل "غبي" (في ترتيب أهله فيه) الضميران للعلم: أي ترتيب أهل العلم في مراتب العلم. وقوله "في ترتيب" متعلق بصفة مقدرة لـ "طريق أهل العلم"، أي الكائنة في ترتيب أهله، أو حال منه. وقوله: "فيه" متعلق بـ "ترتيب".
(فلا يُقَصّر بالرجل) الفاء فصيحية، والفعل مرفوع: أي فإذا علم طريق أهل العلم في ترتيب أهله فيه، فإنه لا يقتصر بالرجل العالي القدر الخ. يقال: قَصَرتُ عن الشيء قصورا من باب قعد: إذا عجزتَ عنه، ولم تبلغه، ومنه قَصرَ السهم عن الهدف قصورا: إذا لم يبلغه. أفاده في "الصحاح".
فقوله: "يقصّر" بتشديد الصاد المهملة، من التقصير، مبنيا للمفعول، والنائب عن الفاعل هو الجارّ والمجرور بعده، ويتحمل أن يكون "يُقَصِّرُ" مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير "مَنْ" في قوله: "من غَبِي عليه".
وفي نسخة "فلا نقصر" بنون المتكلم مبنيًا للفاعل، وكذا قوله: "ولا نرفع" وعليه فيكون ما بعده مفعولًا.
وقوله: (العالي القدر) صفة لـ "الرجل"، وهو من إضافة اسم الصفة إلى مرفوعها. وقوله: (عن درجته) متعلق بـ "يقصر".
والمعنى: لئلا يُبْخَسَ، ويُحَطَّ الرجلُ العالي الدرجة عن درجته العالية إلى منزلته السافلة جهلًا.
(ولا يرفع) بالبناء للمفعول، أو للفاعل، كما سبق آنفًا (مُتَّضِع القدر في العلم)
(١) "لسان العرب" ١٥/ ١١٤.
(٢) "مكمل إكمال الإكمال" ١/ ١١.