فَرَحِمَ الإِلَهُ أَصْحَابَ السُّنَنْ ... الْتَمَسُوا الْحَقَّ مِنَ الْوَجْهِ الْحَسَنْ
تَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِاتِّبَاعِ مَنْ ... مِنْهَاجُهُ خَيْرُ طَرِيقٍ وَسَنَنْ
وَطَلَبُوا أَخْبَارَهُ فَغَرَّبُوا ... وَشَرَّقُوا بَرًّا وَبَحْرًا رَكِبُوا
وَنَقَّرُوا عَنْهَا إِلَى أَنْ يَتَّضِحْ ... صَحِيحُهَا مِنَ السَّقِيم الْمُفْتَضِحْ
وَنَاسِخٌ مِنْ عَكْسِهِ وَمَنْ عَدَلْ ... عَنْهَا برَأْيِهِ السَّخِيفِ الْمُبْتَذَلْ
فَنَبَّهُوا عَلَيْهِ حَتَّى نَجَمَا ... الْحَقُّ بَعْدَ كَوْنِهِ قَدْ أَحْجَمَا
وَانْقَادَ للسُّنَّةِ مَنْ قَدْ أَعْرَضَا ... وَانْتَبَهَ الْغَافِلُ حَتَّى انْتَهَضَا
وَعَابَهُمْ بغَيْرِ عِلْمٍ غَافِلُ ... لِحَمْلِهِمْ ذَا الضَّعْفِ فَهْوَ بَاطِلُ
كَذَاكَ لِلْغرِيبِ لَكِنْ قَدْ ظَهَرْ ... لِحَمْلِهِمْ لِذَيْنِ سِرٌّ قَدْ بَهَرْ
وذَاكَ تَمْيِيزٌ لِمَا صَحَّ وَمَا ... سَقِمَ كَيْ يَعْلَمَهُ ذَوُو الْعَمَى
وَمَرَّ أَحْمَدُ عَلَى أَهْلِ الأَثَرْ ... يُقَابِلُونَ كُتْبَهُمْ لِتُعْتَبَرْ
فَقَالَ مَا أَحْسِبُهُمْ إِلَّا وَفَا ... عَلَيْهِمُ قَوْلُ النَّبِيِّ الْمُقْتَفَى
حَيْثُ يَقُولُ "لَا تَزَالُ طَائِفَهْ ... مِنْ أُمَّتِي حَتَّى تَجِيءَ الآزِفَهْ
وَمَنْ أَحَقُّ مِنْهُمُ بِذَا الشَّرَفْ ... قَدْ فَارَقُوا أَهْلًا وَمَالًا وَغُرَفْ
وَقَنِعُوا بِالْكِسْرِ وَالأَطْمَارِ ... فِي طَلَب السُّنَنِ وَالآثَارِ
فَهُمْ يَجُولُونَ الْبَرَارِي وَالْقِفَارْ ... وَلَا يُبَالُونَ بِبُؤْسٍ وَافْتِقَارْ
مُتَّبِعِينَ هَدْيَ خَيْرِ الْخَلْقِ ... وَمُرْشِدِ الْكُلِّ لِدِينِ الْحَقِّ
فَهُمْ يَرُدُّونَ افْتِرَاءَ الْمُفْتَرِي ... عَلَى خِتَامِ الرُّسْلِ صَافِي الْخَبَرِ
صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مَا دَامَ الأَثَرْ ... وَأَهْلُهُ الأَعْلَوْنَ مِنْ بَيْنِ الْبَشَرْ
وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الْهُدَاةِ ... السَّالِكِينَ مَنْهَجَ النَّجَاةِ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
ثم ذكر المصنّف رحمهُ الله تعالى أيضًا من القسم الثالث الذي لا يعرّج عليه منكرَ الحديث، أو مَنِ الغالب عليه الغلط، فقال:
(وَكَذَلِكَ مَنِ الْغَالِبُ عَلَى حَدِيثِهِ الْمُنْكَرُ، أَوِ الْغَلَطُ، أَمْسَكْنَا أَيْضًا عَنْ حَدِيثِهِمْ، وَعَلَامَةُ الْمُنْكَرِ فِي حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ، إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ، مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالرِّضَا خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ، أَوْ لم تَكَدْ تُوَافِقُهَا، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَدِيثِهِ كَذَلِكَ، كَانَ مَهْجُورَ الْحَدِيثِ، غَيْرَ مَقْبُولِهِ، وَلَا مُسْتَعْمَلِهِ، فَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، وَيحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَالْجَرَّاحُ بْنُ الْمِنْهَالِ أَبُو الْعَطُوفِ، وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ