وجادة، وهي في حكم الإنقطاع، وبعضها بالمكاتبة، وقد ألف الرشيد العطار كتابا في الرد عليه، والجواب عنها حديثا حديثا.
قال الجامع: سيأتي نقل ما كتبه الرشيد العطار نصّا، إن شاء الله تعالى.
ونلخّص هنا ما ذُكر من الجواب الشامل الذي لا يختص بحديث دون حديث:
قال الحافظ رحمه الله تعالى في "هدي الساري مقدمة فتح الباري": الجواب من حيث الإجمال عما انتُقِد عليهما أنه لا ريب في تقدم البخاري، ثم مسلم على أهل عصرهما، ومن بعده، من أئمة هذا الفن، في معرفة الصحيح والعلل، فإنهم لا يختلفون أن ابن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث، وعنه أخذ البخاري ذلك، ومع ذلك فكان ابن المديني إذا بلغه عن البخاري شيء يقول: ما رأى مثل نفسه. وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري، وقد استفاد ذلك منه الشيخان جميعا. وقال مسلم: عرضت كتابي على أبي زرعة الرازي، فما أشار أن له علة تركته.
فإذا عُرِف ذلك، وتقرّر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة غير مؤثرة عندهما، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما، يكون قوله معارِضا لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الإعتراض من حيث الجملة.
وأما من حيث التفصيل، فالأحاديث التي انتُقِدت عليهما ستة أقسام:
الأول: ما يختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص، من رجال الإسناد، فإن أخرج صاحب "الصحيح" الطريق المزيدة، وعلله الناقد بالطريق الناقصة، فهو تعليل مردود؛ لأن الراوي إن كان سمعه، فالزيادة لا تضر؛ لأنه قد يكون سمعه بواسطة عن شيخه، ثم لقيه فسمعه منه، وإن كان لم يسمعه في الطريق الناقصة، فهو منقطع، والمنقطع ضعيف، والضعيف لا يُعِلُّ الصحيح.
ومن أمثلة ذلك: ما أخرجاه من طريق الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس في قصة القبرين، قال الدارقطني في انتقاده: قد خالف منصور، فقال: عن مجاهد، عن ابن عباس، وأخرج البخاري حديث منصور على إسقاط طاوس، قال: وحديث الأعمش أصح.
قال الحافظ: وهذا في التحقيق ليس بعلة، فإن مجاهدا لم يوصف بالتدليس، وقد صح سماعه من ابن عباس، ومنصور عندهم أتقن من الأعمش، والأعمش أيضًا من الحفاظ، فالحديث كيفما دار دار على ثقة، والإسناد كيفما دار كان متصلًا، وقد أكثر الشيخان من تخريج مثل هذا.