بمرفوع؛ لجواز إحالة الإثم على ما ظهر من القواعد، وسبقه إلى ذلك أبو القاسم الجوهري، نقله عنه ابن عبد البر، ورده عليه. ذكره في "تدريب الراوي" (١).
والحاصل أن ما نُقل عن الصحابيّ له حكم الرفع، بشرطين: أحدهما: أن يكون مما لا مجال فيه للرأي. والثاني: أن لا يكون الصحابيّ ممن يروي الإسرائيليات عن أهل الكتاب، كعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. وإلى هذا أشار السيوطيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في "ألفية الأثر"، حيث قال:
وَمَا أَتَى وَمِثْلُهُ بِالرَّأْيِ لَا ... يُقَالُ إِذْ عَنْ سَالِفٍ مَا حُمِلَا
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه:
١٨ - (وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: "إِنَّ فِي الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً، أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ، يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ، فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ) بن أبي زيد، واسمه سابور القشيري مولاهم، أبو عبد الله النيسابوري الزاهد.
رَوَى عن ابن عيينة، وأبي معاوية الضرير، وأبي أحمد الزُّبيريّ، وأبي داود الْحَفَريّ، وأبي داود الطيالسيّ، وغيرهم. وروى عنه الجماعة، سوى ابن ماجه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم بن أبي طالب، ومحمد بن يحيى الذهليّ، وغيرهم.
قال عبد الله بن عبد الوهّاب الْخُوَارَزميّ، عن أحمد: محمد بن يحيى أحفظ، ومحمد بن رافع أورع. وقال البخاري: ثنا محمد بن رافع بن سابور، وكان من خيار عباد الله. وقال النسائي: أنا محمد بن رافع الثقة المأمون. وقال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: شيخ صدوق، قَدِمَ علينا، وكان قد رحل مع أحمد. وقال زكريا بن دلويه: بعث طاهر بن عبد الله بن طاهر إلى محمد بن رافع بخمسة آلاف فردها. قال زكريا: وكان يخرج إلينا في الشتاء الشاتي، وقد لبس لحافه الذي يلبسه بالليل. وقال الحاكم: هو شيخ عصره بخراسان في الصدق والرحلة حدّثنا ابن صالح، ثنا ابن رجاء قال: قلت لعثمان بن أبي شيبة: تعرف محمد بن رافع؟ قال: ذاك الزاهد. وقال عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي عن أحمد: محمد بن يحيى أحفظ، ومحمد بن رافع أورع. وقال
(١) راجع "التدريب" ١/ ١٩٠ - ١٩١.