أبيه، ومن خطه نقلتُ أنه قال فيه يَصِفه: إمام، مُفْتٍ، مُناظر، محدث، واعظ، ظريف الجملة، حسن الأخلاق والمعاشرة، مُكرِمٌ لأهل العلم، خصوصا للغرباء الواردين عليه، ما رأيت في شيوخي مثله. وقال سألته عن مولده، فقال: مولدي تقديرًا في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. قلت: وتُوفي يوم الخميس الحادي أو الثاني والعشرين، من شوال سنة ثلاثين وخمسمائة. وذكره أبو الحسن عبد الغافر حفيد أبي الحسين عبد الغافر في كتابه، ومات قبله سنة تسع وعشرين، فأحسن الثناء عليه بما لا نطيل به.
رَوَى الكتاب عنه فيمن رواه عنه شيخنا، أبو الحسن، مؤيد بن محمد ابن الشيخ المقرىء أبي الحسن، علي بن الحسن بن محمد بن أبي صالح الطابراني الطوسي، ثم النيسابوري، وكان شيخا رضيا، جليلا، مسندا، معمرا، محظوظا من رواية الحديث، متصديا لإسماعه، ملحوظا من طلبته، سمع الكتاب من الفراوي في السنة التي مات فيها، وعاش حتى تفرد به عنه، وحتى ألحق الأحفاد بالأجداد.
وسمعتُ الكتاب منه بقراءتي عليه، في معدنه نيسابور، فعلونا فيه -ولله الحمد- سماءَ العلوّ بإسناد متسلسل، نيسابوري، عن نيسابوري، ومُعَمَّر عن مُعَمَّر، إلى مؤلفه مسلم رحمهُ اللهُ تعالى.
وأنبأنا به عن الفراوي أيضًا ابن حفيده الشيخ الزكي، أبو القاسم منصور رحمهم الله أجمعين وإيانا، ونفعنا بذلك وإخواننا آمين آمين.
وأما القلانسي فهو أبو محمد، أحمد بن علي بن الحسن بن المغيرة بن عبد الرحمن القلانسي، وقعتُ بروايته عن مسلم عند المغاربة، ولم أجد له ذكرًا عند غيرهم، دَخَلَتْ روايته إليهم من مصر على يدي مَنْ رَحَل منهم إلى جهة المشرق، كأبي عبد الله محمد بن يحيى الحذاء التميمي القرطبي وغيره، سمعوها بمصر من أبي العلاء، عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن ماهان البغدادي، قال: حدثنا أبو بكر أحمد ابن محمد بن يحيى الأشقر، الفقيه على مذهب الشافعي، حدثنا أبو محمد، أحمد بن علي بن الحسن القلانسي، حدثنا مسلم بن الحجاج، حاشا ثلاثة أجزاء من آخر الكتاب، أولها حديث الإفك الطويل، فإن أبا العلاء بن ماهان المذكور، كان يروي ذلك عن أبي أحمد الجلودي، عن ابن سفيان، عن مسلم.
وبلغنا عن الحافظ الفاضل، أبي علي الحسين بن محمد الغساني، وكان من جهابذة المحدثين، ورئيسهم بقرطبة، قال: سمعت أبا عمر أحمد بن محمد بن يحيى - يعني ابن الحذاء- يقول: سمعت أبي يقول: أخبرني ثقات أهل مصر، أن أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني، كتب إلى أهل مصر من بغداد، أن اكتبوا عن أبي العلاء بن