قال النوويّ رحمه الله تعالى: قوله: "وأحسّ الخ": هكذا ضبطناه من أصول محققة: "أحس"، ووقع في كثير من الأصول، أو أكثرها: "حَسَّ"، بغير ألف، وهما لغتان: "حَسَّ"، و"أَحَسّ"، ولكن "أحس" أفصح وأشهر، وبها جاء القرآن العزيز. قال الجوهريّ، وآخرون: حَسّ وأحسّ لغتان: بمعنى عَلِمَ، وأيقن. وأما قول الفقهاء، وأصحاب الأصول: الحاسة، والحواس الخمس، فإنما يصح على اللغة القليلة، حَسَّ بغير ألف، والكثير في حَسّ بغير ألف أن يكون بمعنى قتل. انتهى.
(فَذَهَبَ) أي ذهب الحارث من ذلك المكان؛ لئلا يلحقه ضرر من مرّة. والله تعالى أعلم بالصواب؛ وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رحمه الله تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
٥٥ - (وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ- حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ: إِيَّاكُمْ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحِيمِ، فَإِنَّهُمَا كَذَّابَانِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (عُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ) أبو قُدامة السرخسيّ الحافظ الثبت، تقدّم في ٤/ ٣٧.
٢ - (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ) العنبريّ الإمام الحجة البصريّ، تقدّمت ترجمته (١).
٣ - (حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) بن درهم، أبو إسماعيل البصريّ الحافظ الحجة الثبت، تقدّم في ٣/ ٢٤.
٤ - (ابن عون) هو: عبد الله بن عون بن أَرْطبان، أبي عون البصريّ الثقة الثبت الفقيه العابد، تقدّمت ترجمته (٢).
٥ - (إبراهيم) بن يزيد النخعيّ الإمام الفقيه الكوفيّ، تقدّم في ٤/ ٤٩. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر
(عَن) عبد الله (بْنِ عَوْنٍ) أنه (قَالَ: قَالَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ) النخَعيّ (إِيَّاكُمْ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ سَعِيدٍ) أي احذروا مجالسته، فـ "إيا" منصوب بفعل محذوف وجوبًا؛ لكونه تحذيرًا، كما قال في "الخلاصة":
(١) عند قول المصنّف: "ممن ذمّ الرواية عنهم أئمة أهل الحديث الخ".
(٢) تقدّمت عند قول المصنّف: "وفي مثل مجرى هؤلاء إذا وازنت الخ".