وقال في "التقريب": ثقةٌ فاضلٌ، من الرابعة. انتهى.
(عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كُلُّهَا) بالرفع تأكيد لسبعون. وغرض الجرّاح بهذا الكلام تكذيب جابر الجعفيّ في دعواه أنه سمع من أبي جعفر سبعين ألف حديث مرفوع، وذلك أن روايته هذا العدد الكبير عن شخص واحد، وإن كان ممكنًا، لكنه متّهمٌ في ذلك بأدلّة أخرى تبيّن كذبه، ومنها قوله الآتي: ما حدّثت منها بشيء؛ إذ يدلّ على أنه كان يُخفيها من الناس تقيّةً؛ لكونها من المنكرات التي تُشيعها الرافضة في عليّ -رضي الله عنه-، وأهل بيته.
فإن قلت: الجرّاح ضعيف، فكيف احتجّ به مسلم هنا؟ .
قلت: لم يحتجّ به أصالة، وإنما أتى به متابعة، واستشهاداً على ثبوت كذب جابر الجعفيّ، فقد ثبت ذلك بما ساقه من الأسانيد الماضية والتالية، فيكون الجرّاح متابعًا لهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رحمهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
٦١ - (وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيْرًا يَقُولُ: قَالَ جَابِرٌ، أَوْ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: إِنَّ عِنْدِي لَخَمْسِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ، مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، قَالَ: ثُمَّ حَدَّثَ يَوْمًا بِحَدِيثٍ، فَقَالَ: هَذَا مِنَ الْخَمْسِينَ أَلْفًا).
رجال هذا الإسناد: ثلاثة:
١ - (حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ) هو: حجاج بن يوسف الثقفيّ البغداديّ الثقة الحافظ، تقدّم في ٤/ ٣٨.
٢ - (أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ) هو: أحمد بن عبد الله بن يونس التميميّ اليربوعيّ، نُسب لجده ثقة حافظ، تقدّم في ٥/ ٥١.
٣ - (زُهير) بن معاوية بن حُديج بن الرُّحَيل بن زُهَير بن خيثمة الجعفي الكوفي، سكن الجزيرة.
رَوَى عن أبي إسحاق السبيعي، وسليمان التيمي، وعاصم الأحول، وغيرهم. وروى عنه ابن مهدي، والقطان، وأبو داود الطيالسي، وأحمد بن يونس، وغيرهم.
قال معاذ بن معاذ: والله ما كان سفيان بأثبت من زهير. وقال شعيب بن حرب: كان زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة. وقال بشر بن عمر الزهراني عن ابن عيينة: عليك بزهير بن معاوية، فما بالكوفة مثله. وقال الميموني عن أحمد: كان من معادن الصدق. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: زهير فيما روى عن المشايخ ثبت بخ بخ، وفي حديثه عن أبي إسحاق لين، سمع منه بآخره. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ثقة.