أَلْقَ) بفتح الهمزة، والقاف، بينهما لام ساكنة، اللقاء (أَنَسًا) -رضي الله عنه-.
والمعنى أنه لم يلق أنس بن مالك -رضي الله عنه-، فضلًا عن سماع تلك الأحاديث منه، وإنما يرويها عنه كذبًا (قَالَ أَبُو دَاوُدَ) الطيالسيّ (فَبَلَغَنَا بَعْدُ) بالبناء على الضمّ؛ لقطعه عن الإضافة، ونيّة معناها: أي بعد أن إعلانه بالتوبة (أَنَّهُ يَرْوِي) أي عن أنس -رضي الله عنه- (فَأَتَيْنَاهُ أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) هكذا النسخ: "فأتيناه" بنون الجمع، والظاهر أن "أنا" بدل من الضمير الفاعل، أو عطف بيان له، و"عبد الرحمن" بالرفع عطف عليه. والله تعالى أعلم بالصواب.
(فَقَالَ: أَتُوبُ) أي أرجع إلى الله تعالى من الكذب على أنس -رضي الله عنه- (ثُمَّ كَانَ بَعْدُ) بالضم أيضًا، كما سبق توجيهه (يُحَدِّثُ) أي عن أنس -رضي الله عنه- (فَتَرَكْنَاهُ) أي تركنا الإتيان إليه؛ لعدم قبوله النصح، لتماديه على غيّه. والله تعالى أعلم.
تنبيه: ظاهر صنيع أبي داود الطيالسيّ، وعبد الرحمن بن مهديّ في مراجعة زياد ابن ميمون، واعترافهما بقبول توبته، دليلٌ على أن مذهبهما قبول توبة الكاذب في الحديث النبويّ، وقد اختلف أهل العلم في ذلك، مع اتفاقهم في قبول توبة الفاسق بغير الكذب فيه، وقد سبق تحقيقه في المسائل المذكورة في شرح حديث: "لا تكذبوا عليّ ... " الحديث، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رحمه الله تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
٨٣ - (حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ شَبَابَةَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ يُحَدِّثُنَا، فَيَقُولُ: سُوَيْدُ بْنُ عَقَلَةَ، قَالَ شَبَابَةُ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْقُدُّوسِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ يُتَّخَذَ الرَّوْحُ عَرْضًا، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ قَالَ: يَعْنِي تُتَّخَذُ كَوَّةٌ فِي حَائِطٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ الرَّوْحُ).
رجال هذا الإسناد: اثنان:
١ - (حسن الحلوانيّ) هو ابن عليّ الحافظ نزيل مكة، تقدّم في ٣/ ٢٢.
٢ - (شبابة) بن سَوّار المدائنيّ، تقدّم في ٤/ ٣٨. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر
عن حسن بن عليّ الحلوانيّ، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ شَبَابَةَ) بن سوّار (قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ) بن حبيب الكلاعي الشامي الدمشقي، تقدّمت ترجمته عند ذكر المصنّف الرواة المتّهمين (يُحَدِّثُنَا، فَيَقُولُ: سُوَيْدُ) بصيغة التصغير (ابْنُ عَقَلَةَ) بعين مهملة مفتوحة، وقاف مفتوحة، وهو تصحيف من عبد القدّوس، والصواب سُويد بن غَفَلَة -بغين معجمة، وفاء مفتوحتين-.