الزهري أن لا يحدثه، ثم نَدِم ابن أبي ذئب، فسأل الزهري أن يكتب له أحاديث من حديثه، فكتب له، فكان يحدث بها. وقال الواقدي وغيره: وُلد سنة ثمانين، عام الْجُحَاف. وقال إبراهيم بن المنذر، عن ابن أبي فديك: مات سنة ثمان وخمسين ومائة. وقال أبو نعيم وغيره: مات سنة تسع وخمسين. وقال في "التقريب": ثقة فقيه فاضل، من السابعة. انتهى.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (١٣) حديثًا.
(فَقَالَ) مالك (لَيْسَ بِثِقَةٍ) أي ليس شعبة الذي روى عنه ابن أبي ذئب ثقة، وقد تقدّم أن الأكثرين وافقوا مالكًا في تضعيفه، وإنما قوّى أمره ابن معين في رواية، وابن عديّ، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
(وَسَأَلْتُهُ) أي مالكًا (عَنْ حَرَامِ) -بفتح الحاء المهملة، وتخفيف الراء- (ابْنِ عُثْمَانَ) الأنصاري المدني، روى عن ابني جابر بن عبد الله، وروى عنه معمر وغيره. قال مالك ويحيى: ليس بثقة. وقال أحمد: ترك الناس حديثه. وقال الشافعي وغيره: الرواية عن حرام حرام. وقال ابن حبان: كان غاليا في التشيع، يَقْلِب الأسانيد، ويرفع المراسيل. وقال إبراهيم بن يزيد الحافظ: سألت يحيى بن معين عن حرام، فقال: الحديث عن حرام حرام. وكذا قال الجوزجاني. وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قلت لحرام بن عثمان: عبد الرحمن بن جابر، ومحمد بن جابر، وأبو عتيق هم واحد؟ قال: إن شئت جعلتهم عشرة (١). وحرام ليس من رجال الكتب الستّة.
(فَقَالَ) مالك (لَيْسَ بِثِقَةٍ) أي ليس حرام بن عثمان ثقة، وقد عرفت فيما سبق في ترجمته آنفًا أنهم اتّفقوا على تضعيفه.
وقوله: (وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ، فَقَالَ: لَيْسُوا بثِقَةٍ فِي حَدِيثِهِمْ) تأكيد لما سبق (وَسَأَلْتُهُ) أي مالكًا (عَنْ رَجُلٍ آخَرَ، نَسِيتُ اسْمَهُ، فَقَالَ) مالك (هَلْ رَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ) مالك (لَوْ كَانَ ثِقَةً لَرَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي) قال النوويّ رحمه الله تعالى: هذا تصريح من مالك رحمه الله تعالى بأن من أدخله في كتبه فهو ثقة، فمن وجدناه في كتابه حكمنا بأنه ثقة عند مالك، وقد لا يكون ثقة عند غيره.
وقد اختلف العلماء في رواية العدل عن المجهول، هل يكون تعديلا له، فذهب بعضهم إلى أنه تعديل، وذهب الجماهير إلى أنه ليس بتعديل، وهذا هو الصواب، فإنه قد يروي عن غير ثقة، لا للاحتجاج به، بل للاعتبار والاستشهاد، أو لغير ذلك. أما
(١) "لسان الميزان" ٢/ ١٨٢ - ١٨٣.