(سادسها): فلانٌ فيه مقال، وضُعِّفَ، وفيه ضَعْفٌ، وفلانٌ تُنْكِر وتَعْرِفُ، وليس بذاك، أو ليس بذاك القويّ، وليس بالمتين، وليس بالقويّ، وليس بحجّة، وليس بعمدة، وليس بمأمون، وفلان ليس بالمرضيّ، وليس يحمدونه، وليس بالحافظ، وغيره أوثق منه، وفي حديثه شيء، ومجهول، أو فيه جهالة، ولا أدري ما هو، وللضعف ما هو (١)، وفيه خُلْفٌ، وطعنوا فيه، أو مطعون فيه، ونَزَكُوه، وسيّىء الحفظ، وليّنٌ، أو لين الحديث، أو فيه لينٌ. قال الدارقطنيّ: إذا قلت: فلانٌ ليّن لا يكون ساقطًا متروك الحديث، ولكن مجروحًا بشيء لا يُسقط به عن العدالة. انتهى.
وتكلّموا فيه، وسكتوا عنه، وفيه نظر، من غير البخاريّ، كما سبق بيانه.
تنبيه: من هذه المرتبة قولهم: "ليس من أهل القِبَاب"، كما قاله مالك في عَطّاف بن خالد، أحدِ من اختُلف في توثيقه وتجريحه، قال الحافظ: هذه العبارة يؤخذ منها أنه يُروَى حديثه، ولا يُحتجّ بما يَنفرِد به؛ لما لا يخفَى من الكناية المذكورة. ونحوه: "ليس من جِمَال المحامل"، كما قال داود بن رُشيد في سُريج بن يونس: "ليس من جَمَّازات" -أي أبعرة المحامل-، والْجَمَّاز البعير (٢). انتهى.
ثم إن الحكم في المراتب الأربع الأُوَل أنه لا يُحتَجّ بواحد من أهلها، ولا يُستشهد به، ولا يُعتبر به. وأما الخامسة والسادسة فيُكتب حديثها للاعتبار؛ لإشعار صيغها بصلاحية المتّصف بها لذلك، وعدم منافاتها لها. لكن قال البخاريّ: كلُّ من قلتُ فيه منكر الحديث -يعني الذي أُدرج في المرتبة الخامسة- لا يُحتجّ به، وفي لفظ: لا تحلّ الرواية عنه. وصنيع الحافظ في "شرح النخبة" يُشعر بالمشي عليه، حيث قال: فقولهم: متروك، أو ساقط، أو فاحش الغلط، أو منكر الحديث أشدّ من قولهم: ضعيف، أو ليس بالقويّ، أو فيه مقال. انتهى (٣).
وإلى ما ذُكر من مراتب الجرح وحكمها أشرت في "الشافية" بقولي:
(أُولَى مَرَاتِب الْجُرُوحِ) مَنْ وُصِفْ ... بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَوْ شِبْهٍ عُرِفْ
كَأَكْذَبِ النَّاسِ كَذَا رُكْنُ الْكَذِبْ ... كَذَا إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى وَضْعًا نُسِبْ
(ثَانِيَةُ الْمَرَاتِبِ) الدَّجَّالُ ... وَضَّاعٌ الْكَذَّابُ بِئْسَ الْقَالُ
يَضَعُ يَكْذِبُ كَذَاكَ وَضَعَا ... وَذَا أَخَفُّ بِئْسَمَا قَدْ صَنَعَا
(١) أي ليس ببعيد عن الضعف.
(٢) يقال: جمز الإنسان وغيره من باب ضرب جمزًا، وجَمَزَى: إذا عَدَا دون الْحُضْر وفوق الْعَنَق، وحمار جمّاز: أي وثّاب. أفاده في "القاموس".
(٣) "النزهة" ص ١٣٣.