وَابْنُ الْمَدِينِيِّ اشْتِهَارًا شَرَطَا ... كَذَا أَبُو حَاتِم أَيْضًا ضَبَطَا
وَنَجْلُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ مَنْ رَوَى ... عَنْهُ ثَلَاثَةٌ أَوِ اثْنَانِ حَوَى
مَعْرِفَةً لَهُ وَلَمَّا سُئِلَا ... عَنْ حَالِ رَاوٍ مَالِكٌ حَبْرُ الْمَلَا
ذَكَرَ لِلسَّائِلِ لَوْ كَانَ ثِقَهْ ... رَأَيْتَهُ فِي كُتُبِي الْمُوَثَّقَهْ
وَابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ نَنْظُرُ ... إِنْ مَالِكٌ رَوَى لِشَيْخٍ نَأْثُرُ
أَوْ لَا فَلَا فَنِعْمَ مِيزَانُ الأَثَرْ ... لَكِنَّ ذَا فِي الْغُرَبَا لَا يُعْتَبَرْ
إِذْ قَدْ رَوَى عَنْ بَعْضِ مَنْ قَدْ ضُعِّفَا ... مِثْلُ أَبِي أُمَيَّةٍ فَلْتَعْرِفَا
قَالَ أَبُو حَاتِمَ مَنْ قَدْ عُرِفَا ... بِالضُّعْفِ لم يَقْوَ بِنَقْلِ الْحُنَفَا
وَمَنْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِالْجَهْلِ ... نَفَعَهُ نَقْلُ الثِّقَاتِ الْعَدْلِ
كَذَا أَبُو زُرْعَةَ نَحْوَهُ ذَكَرْ ... قِيلَ عَنِ الْكَلْبِيِّ سُفْيَانُ أَثَرْ
فَقَالَ إِنَّمَا رَوَى تَعَجُّبَا ... وَمُنْكِرًا وَمُظْهِرًا تَجَنُّبَا
يُرْوَى عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ ذَكَرْ ... أَرْوِي الْحَدِيثَ عَنْ ثَلَاثَةِ نَفَرْ
عَنْ رَجُلٍ أَجْعَلُهُ دِينًا يُعِزّ ... وَرَجُلٍ أَقِفُهُ وَأَحْتَرِزْ
وَرَجُلٍ أَسْمَعُ لَا أُبَالِي ... أُحِبُّ أنْ أَعْرِفَ لِلإِبْطَالِ
وَنِعْمَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ هَذَا الثَّبَتْ ... فَخُذْهُ مَنْهَجًا تَكُنْ مِمَّنْ ثَبَتْ
فائدة: ممن كان لا يروي إلا عن ثقة إلا نادرًا: الإمامُ أحمد، وبقيُّ بن مَخْلد، وحَريزُ بن عثمان، وسليمان بن حرب، وشعبة، وعبد الرحمن بن مهديّ، ومالك بن أنس، ويحيى بن سعيد القطّان، وذلك في شعبة على المشهور، فإنه كان يتعنّت في الرجال، ولا يروي إلا عن ثبت، وإلا فقد قال عاصم بن عليّ: سمعت شعبة يقول: لو لم أحدّثكم إلا عن ثقة لم أحدّثكم عن ثلاثة، وفي نسخة: ثلاثين، وذلك اعتراف منه بأنه يروي عن الثقة وغيره، فيُنظر، وعلى كلّ حال، فهو لا يروي عن متروك، ولا عمن أُجمع على ضعفه. وأما سفيان الثوريّ، فكان يترخّص مع سعة علمه، وشدّة ورعه، ويروي عن الضعفاء حتى قال فيه صاحبه شعبة: لا تحملوا عن الثوريّ إلا عمن تعرفون، فإنه لا يبالي عمن حمل. ذكره السخاويّ (١).
وممن كان لا يروي إلا عن ثقة محمد بن الوليد الزُّبيدي الحمصيّ، قال الإمام أحمد: لا يأخذ إلا عن الثقات (٢). وبكير بن عبد الله، قال أحمد بن صالح المصريّ: إذا رأيت بكير بن عبد الله روى عن رجل، فلا تسأل عنه، فهو الثقة، لا شكّ فيه (٣).
(١) "فتح المغيث" ٢/ ٤٢.
(٢) "تهذيب التهذيب" ٩/ ص ٥٠٣.
(٣) المصدر السابق ١/ ٤٩٣.