مسألتان تتعلقان بهذا الحديث
(المسألة الأولى): في تخريجه
أما رواية الزهريّ وصالح بن أبي حسّان، فأخرجها (أحمد) في "مسنده" ٦/ ٢٥٦ من طريق حماد بن خالد، و (النسائيّ) في "الكبرى" ٢/ ٢٠٠ من طريق ابن وهب، كلاهما عن ابن أبي ذئب به. وقد اختُلف على ابن أبي ذئب، فرواه حسين المروزيّ عند أحمد ٦/ ٢٢٣ عن ابن أبي ذئب، عن الزهريّ وحده، وقد رواه ابن أبي فُديك عند النسائيّ في "الكبرى" ٢/ ٢٠٠ عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة به.
وأما رواية يحيى بن أبي كثير، فأخرجها (مسلم) ٣/ ١٣٦ و (النسائيّ) في "الكبرى" ٢/ ٢٠٢ و (الباغنديّ) في "مسند عمر" ص ١٠٣ من طريق شيبان، ومعاوية بن سلّام جميعًا عن يحيى بن أبي كثير، عن عمر بن عبد العزيز، عن عروة، عنها. وأخرجه (أحمد) في "مسنده" ٦/ ٢٧٩ - ٢٨٠ من طريق شيبان وحده، وكذا (الدارميّ) في "مسنده" ٢/ ١٢ و (ابن حبان) في "صحيحه" ٣٥٣٩ "إحسان". والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في فوائده
(منها): جواز القبلة للصائم. قال النوويّ في "شرحه": قال الشافعي والأصحاب: القبلة في الصوم على من لم تُحَرّك شهوته، لكن الأولى له تركها، ولا يقال: إنها مكروهة له، وإنما قالوا: إنها خلاف الأولى في حقه، مع ثبوت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعلها؛ لأنه كان يؤمن في حقه مجاوزة حد القبلة، ويخاف على غيره مجاوزتها، كما قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان أَمْلَكَكُم لإِرْبه"، وأما من حركت شهوتَهُ فهي حرام في حقه على الأصح، عند أصحابنا، وقيل: مكروهة كراهة تنزيه. قال القاضي عياض: قد قال بإباحتها للصائم مطلقا جماعة من الصحابة والتابعين، وأحمد، وإسحاق، وداود، وكرهها على الإطلاق مالك، وقال ابن عباس، وأبو حنيفة، والثوريّ، والأوزاعيّ، والشافعي: تكره للشاب دون الشيخ الكبير وهي رواية عن مالك. ورَوَى ابن وهب عن مالك رحمه الله إباحتها في صوم النفل دون الفرض، ولا خلاف أنها لا تُبطل الصوم إلا أن يُنزِل المنيّ بالقبلة.
واحتجوا له بالحديث المشهور في "السنن" (١)، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أرأيت لو
(١) هو ما أخرجه أبو داود في "سننه"، فقال:
٢٠٣٧ - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا الليث رحمه الله تعالى وحدثنا عيسى بن حماد، أخبرنا الليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله، عن عبد الملك بن سعيد، عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر =