قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ذكر الجوهريّ في "الصحاح": ما نصّه: أما "ذو" الذي بمعنى "صاحب"، فلا يكون إلا مضافًا، فإن وصفت به نكرةً أضفته إلى نكرة، وإن وصفت به معرفةً أضفته إلى الألف واللام، ولا يجوز أن تُضيفه إلى مضمر، ولا إلى زيد، وما أشبهه. انتهى (١).
لكن ذكر ابن برّيّ جواز إضافة "ذي" إلى مضمر، وعلم، فقال: إذا خرجت "ذو" عن أن تكون وُصلة إلى الوصف بأسماء الأجناس لم يمتنع أن تدخل على الأعلام، والمضمرات، كقولهم ذو الْخَلَصَة، والْخَلَصَةُ اسم علمٍ لصنم، و"ذو" كناية عن بيته، ومثله قولهم: ذو رُعَين، وذُو جَدَنٍ، وذو يَزَنَ، وهذه كلها أعلام، وكذلك دخلت على المضمرات أيضًا، قال كعب بن زُهير من الوافر:
صَبَحْنَا الْخَزْرَجِيَّةَ مُرْهَفَاتٍ ... أَبَارَ ذَوِي أَرُومَتِهَا ذَوُوهَا
وقال الأحوص من الطويل:
وَلَكِنْ رَجَوْنَا مِنْكَ مِثْلَ الَّذِي بِهِ ... صُرِفْنَا قَدِيمًا مِنْ ذَوِيكَ الأَوَائِلِ
وقال آخر من مجزوّ الرمل:
إِنَّمَا يَصْطَنِعُ الْمَعْـ ... ـرُوفَ فِي النَّاسِ ذَوُوهُ
ذكره ابن منظور في "اللسان" (٢).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فعلى كلام ابن برّي أن استعمال المصنّف لذوي مضافة إلى الضمير صحيح، وهو الذي لا يتّجه عندي غيره؛ لثبوت استعماله في كلام العرب. والله تعالى أعلم.
(قَدْ أَسْنَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية ابن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري، أبي المنذر، وأبي الطُّفَيل، سيد القراء، كان من أصحاب العقبة الثانية، وشهد بدرا، والمشاهد كلها، قال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لِيَهْنِك العلم أبا المنذر"، وقال له: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك"، وكان عمر يسميه سيد المسلمين، ويقول: اقرأ يا أبيّ، ويروي ذلك عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أيضًا. وأخرج الأئمة أحاديثه في صحاحهم، وعَدَّه مسروق في الستة من أصحاب الفتيا. قال الواقدي: وهو أول من كتب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأول من كتب في آخر الكتاب: وكتب فلان ابن فلان. وكان رَبْعَةً، أبيض اللحية، لا يغير شيبه. وممن روى عنه من الصحابة عمر، وكان يسأله عن
(١) راجع "الصحاح" ٥/ ٢٠٢١.
(٢) "لسان العرب" ١٥/ ٤٥٨.