والأول أصح؛ لأنّ له قصّة مع عمرو بن سعيد بن العاص، وهو يبعث البعوث إلى مكة، لقتال ابن الزبير، وكان ذلك في خلافة يزيد بن معاوية بعد سنة ستين. انتهى. أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" أربعة أحاديث بالمكرّر، برقم (٦٩) و (٢٤١٣) و (٣٢٥٥) و (٣٢٥٦) (١).
(عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا) هو ما أخرجه مسلم في "الإيمان" من "صحيحه"، فقال:
حدثنا زهير بن حرب، ومحمد بن عبد الله بن نمير، جميعا عن ابن عيينة، قال ابن نمير: حدثنا سفيان، عن عمرو، أنه سمع نافع بن جبير، يخبر عن أبي شريح الخزاعي، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا، أو ليسكت".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الحديث من رواية نافع بن جبير، عن أبي شُريح من أفراد مسلم، وقد أخرجه هو، والبخاريّ من رواية سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شُريح، فهو شاهد، كما قال الشيخ المعلّمي.
والحاصل أن الحديث محفوظ عن أبي شريح برواية سعيد المقبريّ عن أبي شريح، كما هو متّفق عليه، فتكون رواية نافع بن جبير شاهدة، فلا تصلح لاحتجاج المصنّف بها لغرضه في الباب، حيث إنها مما أوردت للاستشهاد، فافهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى:
(وَأَسْنَدَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-).
إيضاح المعنى الإجمالّي لهذه الفقرة:
ذكر رَحِمَهُ اللهُ تعالى أيضًا مثالًا آخر إلزامًا لخصمه أيضًا، وذلك أن النعمان بن أبي عياش، روى ثلاثة أحاديث عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكلُّها معنعنة، وهي أحاديث صحيحة، مع أنه لم يثبت سماع النعمان من أبي سعيد -رضي الله عنه- -حسبما زعمه المصنّف- وهي في نظر المنتحل ضعيفة؛ لما سبق. هذا خلاصة كلامه، وسيأتي مناقشته في الشرح التفصيليّ، إن شاء الله تعالى.
(١) وذكر ابن الجوزيّ أنه روى (٢٠) حديثًا، اتفقا على اثنين، وانفرد كلّ منهما بحديث.