وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهِيَةِ الْخَزِّ وَالْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ فِي الْكَفَنِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْكَفَنِ خَاصَّةً
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ يَصِفُ وَالْمَصْبُوغُ كُلُّهُ غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَبَعْدَ هَذَا فَمَا كُفِّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ مِمَّا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَيُوَارِيهِ أَجَزْأَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
(٣ - بَابُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ)
٤٨٧ - مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ
لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هذا الحديث عنه عن بن شهاب
ولم يختلف أصحاب بن عُيَيْنَةَ عَلَيْهِ فِي تَوْصِيلِهِ مُسْنَدًا رَوَوْهُ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ
وَقَدْ تابعه بن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَغَيْرُهُ
وَاخْتَلَفَ فِيهِ سَائِرُ أَصْحَابِ بن شِهَابٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَرْدَفَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِحَدِيثِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُقَدِّمُ النَّاسَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ فِي جِنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ مَا رَأَيْتُ أَبِي قَطُّ فِي جِنَازَةٍ إِلَّا أَمَامَهَا قَالَ ثُمَّ يَأْتِي الْبَقِيعَ فَيَجْلِسُ حَتَّى يَمُرُّوا عَلَيْهِ
وَعَنِ بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ الْمَشْيُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ مِنْ خَطَإِ السُّنَّةِ
فَأَوْرَدَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ السُّنَّةَ وَعَمَلَ الْخُلَفَاءِ بِذَلِكَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَاشْتِهَارَ ذلك بالمدينة عندهم حتى جعله بن شِهَابٍ مَعَ عِلْمِهِ بِآثَارِ مَنْ مَضَى سُنَّةً مَسْنُونَةً وَجَعَلَ مَا خَالَفَهَا خَطَأً
وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَأَجَازُوا الْمَشْيَ خَلْفَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا وَأَمَامَهَا
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمُ السُّنَّةُ