وَمِنِ الْحُجَّةِ لِمَذْهَبِهِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَا دَامَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَلَمْ يَلْحَقْهُ سِبَاءٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَبَوَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ
فَكَذَلِكَ إِذَا سُبِيَ وَحْدَهُ لَا يَصِيرُ السَّبْيُ حُكْمَهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُعَبِّرُ عَنْهُ لِسَانُهُ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ
ذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ تَمَّامٍ قَالَ قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ إِنِّي بِخُرَاسَانَ أَبْتَاعُ السَّبْيَ فَيَمُوتُ بَعْضُهُمْ أَفَأُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ إِذَا صَلَّى فَصَلِّ عَلَيْهِ
قال الفزاري وسألت هشاما وبن عَوْنٍ عَنِ السَّبْيِ يَمُوتُونَ وَهُمْ صِغَارٌ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ هِشَامٌ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَ بن عَوْنٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصَلُّوا
وَذَكَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجَشُونُ عَنْ أبيه ومالك المخزومي وبن دِينَارٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الصِّبْيَانَ مِنَ السَّبْيِ إِذَا كَانَ مَعَهُمْ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ عَلَى دِينِ أَبِيهِمْ إِنْ أَسْلَمَ أَبُوهُمْ صَارُوا مُسْلِمِينَ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ يَمُتْ عَلَى الْكُفْرِ فَهُمْ عَلَى دِينِهِ وَلَا يُعْتَدُّ فِيهِمْ بِدِينِ الْأُمِّ عَلَى حَالٍ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهَا وَإِنَّمَا يَنْتَسِبُونَ إِلَى أَبِيهِمْ وَبِهِ يُعْرَفُونَ
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا مَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمُ السِّبَاءُ فَيَقَعُونَ فِي قَسْمِ مُسْلِمٍ وَمِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَالْقَسْمِ فَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ بِالْبَيْعِ أَوِ الْقِسْمَةِ فَأَحْكَامُهُمْ حِينَئِذٍ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَالدَّفْنِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُوَارَثَةِ وَغَيْرِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ عَنْ أَصْحَابِهِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَهْلِ الشَّامِ
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الصِّبْيَانِ يَمُوتُونَ مِنَ السَّبْيِ بَعْدَ أَنِ اشْتُرُوا قَالَ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لَمْ يُبَاعُوا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ
يُرِيدُ إِذَا كَانُوا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ فَمِلْكُهُ لَهُمْ أَوْلَى بهم من حكم آبائهم
قال بن الطَّبَّاعِ عَلَى هَذَا فُتْيَا أَهْلِ الثَّغْرِ وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانِ بْنِ مُوسَى وَرِوَايَةُ الْحَارِثِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ
وَذَكَرَ أَبُو الْمُغِيرَةِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا وَمَشْيَخَتَنَا يَقُولُونَ مَا مَلَكَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ صِبْيَانِ الْعَدُوِّ فَمَاتُوا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ سَاعَةَ يَمْلِكُهُمُ الْمُسْلِمُونَ
وَقَالَ تَمَّامُ بْنُ نَجِيحٍ كُنْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى بِأَرْضِ الرُّومِ وَهُوَ عَلَى السَّبْيِ فَكَانُوا يَمُوتُونَ صِغَارًا فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ أَلَيْسَ كَانَ يُقَالُ مَا أَحْرَزَ