عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حِينَ مَاتَ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ جَثَا الثَّانِيَةَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ جَثَا الثَّالِثَةَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَهُ شَهِيقٌ فَعَرَفُوا أَنَّهُ يَبْكِي فَبَكَى الْقَوْمُ فَقَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ اذْهَبْ أَبَا السَّائِبِ فَقَدْ خَرَجْتَ مِنْهَا وَلَمْ تَلْبَسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ
وَقَدْ رَوَيْنَاهُ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ حَسَنٍ ذَكَرْتُهُ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ كَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى السَّرِيرِ قَالَ طُوبَى لَكَ يَا عُثْمَانُ لَمْ تَلْبَسْكَ الدُّنْيَا وَلَمْ تَلْبَسْهَا
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبْتَ وَلَمْ تَلْبَسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ ثَنَاءٌ منه صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَتَفْضِيلٌ لَهُ وَكَانَ وَاحِدَ الْفُضَلَاءِ وَالْعِبَادِ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَقَدْ كَانَ هُوَ وَعَلِيٌّ يَذْهَبَانِ يَتَرَهَّبَا وَيَتْرُكَا النِّسَاءَ وَيُقْبِلَا عَلَى الْعِبَادَةِ وَيُحَرِّمَا طَيِّبَ الطَّعَامِ على أنفسهما فنزلت (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) الْمَائِدَةِ ٨٧
ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَغَيْرِهِمَا أَرَادُوا أَنْ يَتَخَلَّوْا مِنَ الدُّنْيَا وَيَتْرُكُوا النِّسَاءَ ويترهبوا
وذكر بن جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالب وعثمان بن مظعون وبن مَسْعُودٍ وَالْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو وَسَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ تَبَتَّلُوا وَجَلَسُوا فِي الْبُيُوتِ وَاعْتَزَلُوا النِّسَاءَ وَلَبِسُوا الْمُسُوحَ وَحَرَّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أُحِلَّ لَهُمْ يَعْنِي النِّسَاءَ وَالطَّعَامَ وَاللِّبَاسَ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِبَاحَةُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْءِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ
وَفِيهِ مَدْحُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّقَلُّلِ مِنْهَا وَفِي ذَلِكَ ذَمُّ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْهَا
٥٣٠ - مَالِكٌ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ قَالَتْ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي تَتْبَعُهُ فَتَبِعَتْهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَوَقَفَ فِي أَدْنَاهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقِفَ ثُمَّ انصرف فسبقته