هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَغَيْرُهُ وَلَكِنَّ الِاسْمَ الشَّرْعِيَّ قَاضٍ عَلَى الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ
ولا أعلم مخالفا فيما فسر به بن عُمَرَ الْكَنْزَ الْمَذْكُورَ إِلَّا شَيْءٌ يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي ذَرٍ الْغِفَارِيِّ وَالضَّحَّاكِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالسِّيَاحَةِ وَالْفَضْلِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ فِي الْأَمْوَالِ حُقُوقًا سِوَى الزَّكَاةِ وَتَأَوَّلُوا فِي ذَلِكَ قَوْلَ الله عز وجل (والذين فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) الْمَعَارِجِ ٢٤
وَرَوَوْا بِمَعْنَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ آثَارًا مَرْفُوعَةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي الزَّكَاةِ
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حقه والمسكين وبن السبيل) الْإِسْرَاءِ ٢٦
فَأَمَّا أَبُو ذَرٍ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ فِي بَعْضِهَا شِدَّةٌ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَالٍ مَجْمُوعٍ يَفْضُلُ عَنِ الْقُوتِ وَسَدَادِ الْعَيْشِ فَهُوَ كَنْزٌ وَأَنَّ آيَةَ الْوَعِيدِ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ
وَرُوِيَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ وَكَانَ يَقُولُ الْأَكْثَرُونَ هُمُ الْأَخْسَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئِينَ وَقْدَ رُوِيَ هَذَا عَنْهُ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهِيَ أَحَادِيثُ مَشْهُورَةٌ تَرَكْتُ ذِكْرَهَا لِذَلِكَ وَلِأَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ تَأْوِيلِ أَبِي ذَرٍ لَهَا
وَكَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ يَقُولُ مَنْ مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَهُوَ مِنَ الْأَكْثَرِينَ الْأَخْسَرِينَ إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَرِفْدِ الْجَارِ وَالضَّعِيفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ
وَكَانَ مَسْرُوقٌ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) آلِ عِمْرَانَ ١٨٠ قَالَ الرَّجُلُ يَرْزُقُهُ اللَّهُ الْمَالَ فَيَمْنَعُ قَرَابَتَهُ الْحَقَّ الَّذِي فِيهِ فيجعل حية يطوقها فيقول مالي وَلَكِ فَتَقُولُ الْحَيَّةُ أَنَا مَالُكَ
وَهَذَا ظَاهِرُهُ غَيْرُ الزَّكَاةِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الزَّكَاةَ
وقد روي عن بن مَسْعُودٍ مِثْلُهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ طَوَّقَهُ