وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ الْآخَرُ
(فَهَلْ أَنْتَ إِنْ مَاتَتْ أَتَانُكَ رَاحِلٌ ... إِلَى آلِ بِسِطَامِ بْنِ قَيْسٍ فَخَاطَبِ)
بِكَسْرِ الْبَاءِ
وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّاعِرِ
(حَيِّ دَارًا أَعْلَامُهَا بِالْجَنَابِ ... مِثْلُ مَا لَاحَ فِي الْأَدِيمِ الْكِتَابِ)
فَجَرَّ (الْكِتَابَ) بِالْجِوَارِ لِ (لأديم) وَمَوْضِعُهُ الرَّفْعُ بِ (لَاحَ) وَقَدْ يَكُونُ (الْكِتَابُ) مَخْفُوضًا رَدًّا عَلَى (مَا) بَدَلًا مِنْ (مَا)
وَقَدْ يُرَادُ بِالْمَسْحِ الْغَسْلُ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ تَمَسَّحْتُ لِلصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ الْغَسْلُ
وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي إِيجَابِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَجَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْآثَارِ
وَإِنَّمَا رُوِيَ مَسْحُ الرِّجْلَيْنِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَعَلَّقَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ
وَلَوْ كَانَ مَسْحُ الرِّجْلَيْنِ يُجْزِئُ مَا أَتَى الْوَعِيدُ بِالنَّارِ عَلَى مَنْ لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ أَوْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ بُطُونِ قَدَمَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ بِالنَّارِ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ مَنْ غَسَلَ قَدَمَيْهِ فَقَدْ أَدَّى الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِالْمَسْحِ وَمَنْ قَالَ بِالْغَسْلِ فَالْيَقِينُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ
وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ فِي غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ - كَمَا ذَكَرْنَا فِي دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الذِّرَاعَيْنِ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَتَلْخِيصُ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمِرْفَقَيْنِ إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُمَا مَعَ الْقَطْعِ غُسِلَ
قَالَ وَأَمَّا الْكَعْبَانِ إِذَا قُطِعَتِ الرِّجْلُ عَلَى السُّنَّةِ فِي سَرِقَةٍ أَوْ خِرَابَةٍ فَهُمَا بَاقِيَانِ فِي الْقَطْعِ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِمَا مَعَ الرِّجْلَيْنِ
وَالْكَعْبَانِ هُمَا النَّاتِئَانِ فِي طرق السَّاقِ
وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ فِي الْكَعْبَيْنِ
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لِلنَّاسِ فِي الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
فَالَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنَّ فِي الْقَدَمِ كَعْبًا وَفِي السَّاقِ كَعْبًا فَفِي كُلِّ رِجْلٍ كَعْبَانِ