وَالظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِي الْحَدِيثِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ذِكْرُ الْجَنَابَةِ وَمُحَالٌ أَنْ يَخْتَلِفَ عَالِمَانِ فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ لَا بَأْسَ أَنْ يَغْسِلَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَيَقُولُ لَا يَزِيدُهُ الْمَاءُ إِلَّا شَعَثًا
وَرُوِيَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ عن بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ التَّابِعِينَ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُحْرِمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ
وَأَتْبَاعُ مَالِكٍ فِي كَرَاهَتِهِ لِلْمُحْرِمِ غَسْلَ رأسه بالماء قليل
وقد كان بن وَهْبٍ وَأَشْهَبُ يَتَغَاطَسَانِ فِي الْمَاءِ وَهُمَا مُحْرِمَانِ مُخَالَفَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي إِبَايَتِهِ مِنْ ذَلِكَ وكان بن الْقَاسِمِ يَقُولُ إِنَّ مَنْ غَمَسَ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ أَطْعَمَ شَيْئًا خَوْفًا مِنْ قَتْلِ الدَّوَابِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَجِبُ الْفِدَاءُ فِي ذِمَّةِ الْمُحْرِمِ إِلَّا بِيَقِينِ الْحُكْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَلَا بَأْسَ عِنْدَ جَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ لِحَرٍّ يَجِدُهُ
وَكَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ لَا أَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ غَمْسَ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ
قَالَ وَمَا يُخَافُ فِي الْغَمْسِ يَنْبَغِي أَنْ يُخَافَ مِثْلُهُ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ مِنَ الْحَرِّ
وَأَمَّا غَسْلُ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ أَوِ السِّدْرِ فَالْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ
هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ
وَكَانَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَيَانِ الْفِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا غَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ فَعَلَ
وَكَانَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ يُرَخِّصُونَ لِلْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ قَدْ لُبِّدَ رَأْسُهُ فِي الْخِطْمِ ليلين
وروي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ