فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الدَّمَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَهُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى إِيجَابِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَوْ أَحْرَمَ الْمَدَنِيُّ مِنْ مِيقَاتِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَحْرَمَ مِنَ الْجُحْفَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَكَرِهَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ مُجَاوَزَةَ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِلَى الْجُحْفَةِ وَلَمْ يُوجِبِ الدَّمَ فِي ذَلِكَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أَرَادَتِ الْحَجَّ أَحْرَمَتْ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِذَا أَرَادَتِ الْعُمْرَةَ أَحْرَمَتْ مِنَ الْجُحْفَةِ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَمْ يَنْفَعْهُ رُجُوعُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ لَبَّى أَوْ لَمْ يُلَبِّ
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَلَبَّى سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ
وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَتَمَادَى فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَلِلتَّابِعِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقَاوِيلُ أَيْضًا غَيْرَ هَذِهِ
أَحْدُهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْمِيقَاتَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ
وَقْوَلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ فَلَا حَجَّ لَهُ
هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ كُلُّ مَنْ تَرَكَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَمَّ حَجُّهُ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَأَهَلَّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ
رُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ