وَمَعْلُومٌ أَنَّ عُمَرَ رَوَى حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ فَوَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ دَمًا هَذَا لَا يَدْخُلُهُ عَالِمٌ فَأَجْمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ أَنَّ مِيقَاتَهُ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى يُبْلُغَ مَكَّةَ عَلَى مَا فِي حديث بن عَبَّاسٍ
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا قَوْلَانِ شَاذَّانِ
أَحْدُهُمَا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَيَمَنْ مَنْزِلُهُ بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَمَكَّةَ قَالَ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ إِلَّا حَرَامٌ فَإِنْ دَخْلَهُ غَيْرَ حَرَامٍ فَلْيَخْرُجْ مِنَ الْحَرَمِ وَلْيُهِلَّ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الْمَهَلِّ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُلْزِمُونَهُ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ في الحج وإنما يلزمه عندهم أن ينشئ حَجَّهُ مِنْ حَيْثُ نَوَاهُ
(وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِمُجَاهِدٍ) قَالَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَنْزِلُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ أَهَلَّ مِنْ مَكَّةَ وَأَمَّا إِهْلَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ بِعُمْرَةٍ فَذَلِكَ مُنْصَرَفُهُ مِنْ حُنَيْنٍ إِلَى مَكَّةَ وَالْعُمْرَةُ لَا مِيقَاتَ لَهَا إِلَّا الْحِلُّ فَمَنْ أَتَى الْحِلَّ أَهَلَّ بِهَا مَنْشَؤُهَا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا فَلَا حَرَجَ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
(٩ - بَابُ الْعَمَلِ فِي الْإِهْلَالِ)
٦٩٥ - ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ
قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ
كَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةٍ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ رواه أصحاب نافع أيضا
ورواه بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثله
وروى بن مَسْعُودٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) دُونَ زِيَادَةِ بن عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ