فَأَخَذْتُ بِأَخْذِ بَلَدِي ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا أَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي حَرَامًا وَأَخْرُجُ حَرَامًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كُنَّا نَصْنَعُ إِنَّمَا كُنَّا نُهِلُّ ثُمَّ نَجْعَلُ عَلَى شَأْنِنَا
قُلْتُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَأْخُذُ قال نحرم يوم التروية
قال وأخبرنا بن عيينة عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِنْ شَاءَ الْمَكِّيُّ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَّا يَوْمَ مِنًى يَعْمَلُ
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يُعْجِبُهُ أَنْ يُهِلَّ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى مِنًى
قَالَ وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا أَحْرَمَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَتَّى يَرُوحَ إِلَى مِنًى
قَالَ هِشَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ إِنْ شَاءَ أَهَلَّ حِينَ يَتَوَجَّهُ إِلَى مِنًى وَإِنْ شَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا أَهَلَّ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ فَإِنَّهُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَعْنِي إِنْ شَاءَ
وَلَيْسَ طَوَافُهُ ذَلِكَ لَهُ بِلَازِمٍ وَلَا سُنَّةٍ لِأَنَّهُ طَوَافُ سُنَّةٍ لِقَادِمِ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْآفَاقِ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمَكِّيَّ لَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ لِلْإِهْلَالِ وَلَا يُهِلُّ إِلَّا مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ فَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَيْسَ كَالْمُعْتَمِرِ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَأَمَرُوا الْمُعْتَمِرَ الْمَكِّيَّ أَوْ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْحِلِّ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ تَنْقَضِي بِطَوَافِهِ بِالْبَيْتِ وَسَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْحَاجُّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَرَفَةَ وَهِيَ حِلٌّ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الْخُرُوجُ إِلَى الْحِلِّ لِيُهِلَّ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُعْتَمِرِ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ أَهَلَّ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ فَلْيُؤَخِّرِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ والسعي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى
قَالَ وَكَذَلِكَ صَنَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَفَعَلَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم الذين أَهَّلُوا بِمَكَّةَ لَمْ يَطُوفُوا وَلَمْ يَسْعَوْا حَتَّى رَجَعُوا بِمَكَّةَ
فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ بن عُمَرَ أَيْضًا فَالْآثَارُ بِهِ مُتَوَاتِرَةٌ مَحْفُوظَةٌ صِحَاحٌ وَأَهْلُ الْعِلْمِ كُلُّهُمْ قَائِمُونَ بِهِ لَا يَرَوْنَ عَلَى الْمَكِّيِّ طَوَافًا إِلَّا الطَّوَافَ الْمُفْتَرَضَ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ العراق الطواف
وأما الطواف الأول وهو طواف الدخول فساقط عن المكي وساقط عن