وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ إِلَّا الذِّئْبَ وَحْدَهُ وَمَتَى قَتَلَ غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ ابْتَدَأَهُ أَوْ لَمْ يَبْتَدِئْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَلْخِيصُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَسَائِرِ السِّبَاعِ فِيمَا ذكره بن القاسم وبن وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَقْتُلُ السِّبَاعَ التي تعدو على الناس وتفترس ابتدأته أَوِ ابْتَدَأَهَا جَائِزٌ لَهُ قَتْلُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ
وَأَمَّا صِغَارُ أَوْلَادِهَا الَّتِي لَا تَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَلَا تَفْتَرِسُ فَلَا يَقْتُلُهَا وَلَا يَقْتُلُ ضَبْعًا وَلَا ثَعْلَبًا وَلَا هِرًّا وَحْشِيًّا إلا أن يبتدئه أَحَدُ هَذِهِ بِالْأَذَى وَالْعَدَاءِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ فله قتله ودفعه عن نفسه
قال بن الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَدَا عَلَى رَجُلٍ فَأَرَادَ قَتْلَهُ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ
وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْهُ إِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ ثَعْلَبًا أَوْ هِرًّا أَوْ ضَبْعًا وَدَاهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَتْلِ السِّبَاعِ وَإِنَّمَا أَذِنَ فِي قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ
قَالَ وَكَذَلِكَ صِغَارُ الذِّئَابِ وَالنُّمُورِ لَا يَرَى أَنْ يَقْتُلَهَا الْمُحْرِمُ فَإِنْ قَتَلَهَا فَدَاهَا وَهِيَ مِثْلُ فِرَاخِ الْغِرْبَانِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلُّ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ السِّبَاعِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَدَاهُ إِلَّا الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالذِّئْبَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الَّذِي يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِنَ السِّبَاعِ فَصِغَارُهُ وَكِبَارُهُ سَوَاءٌ يَقْتُلُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ صَغِيرًا لَمْ يَقْتُلْهُ كَبِيرًا وَكُلُّ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِهِ فَلَا بَأْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِ
وَجَائِزٌ عِنْدَهُ أَكْلُ الضَّبْعِ وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرِّ
وَسَنُبَيِّنُ مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُؤْكَلُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ فِيمَا لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ بَابِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي شَيْءٍ يُعَقِّبُ عَلَى ذَلِكَ
وَأَمَّا الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ أَشْهَبُ سُئِلَ مَالِكٌ أَيَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ مِنْ غَيْرِ أن يضرانه قال لا إلا أن يضرانه إنما أذن في قتلهما إِذَا أَضَرَّا فِي رَأْيِي فَأَمَّا أَنْ يُصِيبَهُمَا بدءا فلا وهما صيد