وَأَمَّا نَحْرُهُ فِي مَنْزِلِهِ فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ فَإِنَّ مَكَّةَ كُلَّهَا مَنْحَرٌ يَنْحَرُ مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ فِي الْعُمْرَةِ وَمَنًى مَنْحَرٌ فِي الْحَجِّ
وَأَمَّا طَعْنُهُ فِي لَبَّةِ بُدْنِهِ فَهُوَ مَوْضِعُ النَّحْرِ
وَلَا خِلَافَ أَنَّ نَحْرَ الْإِنْسَانِ بِيَدِهِ لِمَا يَنْحَرُ مِنْ هَدْيِهِ وَذَبْحَهُ لِمَا يَذْبَحُ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُوَلِّيَهُ غَيْرَهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ بَعْضَ هديه بيده وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَوَلَّى عَلِيًّا نَحْرَ سَائِرِهِ وَكَانَ قَدْ أَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ
وَكَانَ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) يُشَدِّدُ فِي أَنْ لَا يَذْبَحَ وَلَا يَنْحَرَ لِلْمَرْءِ غَيْرُهُ ضَحِيَّتَهُ وَلَا بَدَنَتَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ يُرِيدُ كِفَايَتَهُ وَيَقُومُ لَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَنِي أَنَّ جَمَاعَةَ الْهَدْيِ الَّتِي أَتَى بِهَا عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةٌ فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَأَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بُدْنِهِ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا خُرُوجُ الْحَرْبَةِ مِنْ تَحْتِ كَتِفِ الْبَدَنَةِ فَدَالٌّ عَلَى قُوَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (رضي الله عنه) وكان هُوَ وَأَخُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُشْبِهَانِ أباهما في القوة والجلد وعظم الْخُلُقِ
٨١٠ - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَهْدَى جَمَلًا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى جَمَلًا كَانَ لِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَامْتِثَالًا لِفِعْلِهِ
وَهَذَانِ الْخَبَرَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ هَدْيَ النَّاسِ كَانَ فِي النُّوقِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْجِمَالِ
وَكَذَلِكَ رَأَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَاسْتَحَبَّ أَنْ تَكُونَ الْبَدَنَةُ أُنْثَى وَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ لِأَنَّ