وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُحْصَرُ لَيْسَ عَلَيْهِ تَقْصِيرٌ وَلَا حِلَاقٌ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقَصِّرُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْحِلَاقَ أَوِ التَّقْصِيرَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَلِ الْحِلَاقُ مِنَ النُّسُكِ أَوْ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدُهُمَا الْحِلَاقُ مِنَ النُّسُكِ
وَالْآخَرُ الْحِلَاقُ مِنَ الْإِحْلَالِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ بِالْإِحْرَامِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ جَعَلَ الْحِلَاقَ نُسُكًا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ دَمًا
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ يحلق
فذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ وَمَنْ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فَلْيَحْلِقْ ثُمَّ لِيُفِضْ فَإِنْ لَمْ يُفِضْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
قَالَ وَقَدْ قَالَ يَنْحَرُ وَيَحْلِقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلينا
وقال بن حَبِيبٍ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ
٨٥٣ - مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ لَيْلًا وَهُوَ مُعْتَمِرٌ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيُؤَخِّرُ الْحِلَاقَ حَتَّى يُصْبِحَ
قَالَ وَلَكِنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ فَيَطُوفُ بِهِ حَتَّى يَحْلِقَ رَأْسَهُ
قَالَ وَرُبَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ فِيهِ وَلَا يَقْرَبُ الْبَيْتَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ حَرَجٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ وَأَظُنُّ الْقَاسِمَ لَمْ يَجِدْ فِي اللَّيْلِ مَنْ يَحْلِقُهُ
وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ مِنَ الطَّوَافِ قَبْلَ الْحَلْقِ فَمِنْ أَجْلِ أَلَّا يَطُوفَ فِي عُمْرَتِهِ طَوَافَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فَإِذَا حَلَّ بِالْحِلَاقِ طَافَ تَطَوُّعًا مَا شَاءَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَرُبَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَأَوْتَرَ فِيهِ وَلَا يَقْرَبُ الْبَيْتَ) فَذَلِكَ لِأَنْ لَا تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إِلَى الطَّوَافِ فَيَنْسَى فَيَطُوفُ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطُوفَ فِيهِ مِنْ أَجْلِ الْحِلَاقِ الْمَانِعِ لَهُ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَقَ خَرَجَ مِنْ عُمْرَتِهِ كُلِّهَا فَصَنَعَ مَا شَاءَ مِنْ طَوَافِ كُلِّهِ
وَهَذَا يَدُلُّكَ أَنَّ حِلَاقَ الرَّأْسِ يُعَدُّ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْمُعْتَمِرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ