وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ مَا يُرَادُ لَا مُقْبِلًا وَلَا هَارِبًا بَلْ فِيهِ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ مُخَاتِلًا مُخَادِعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ وَادَّعَى سَلَبَهُ
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يُكَلَّفُ عَلَى ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَخَذَهُ وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ حَلِفَ مَعَهُ وَكَانَ سَلَبُهُ لَهُ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَبِأَنَّهُ حَقٌّ يُسْتَحَقُّ مِثْلُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا يدل على أن ذلك حكم في ما مضى ولم يرد به رسول الله أَنْ يَكُونَ أَمْرًا لَازِمًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ السَّلَبَ - بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِلَا يَمِينٍ وَمَخْرَجُ ذَلِكَ عَلَى اجْتِهَادٍ مِنَ الْخُمُسِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً وَالْقَضَاءُ فِيهِ مُؤْتَنِفٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ بَلْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ بِهِ مَنْ كَانَ حَازَهُ لِنَفْسِهِ فِي الْقِتَالِ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْهُ فَأَمَرَ بِدَفْعِ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَكَانَ دِرْعًا وَلَا يَشُكُّ أَنَّهُ سَلَبُ قَتِيلٍ لَا مَا سِوَاهُ مِنْ سَائِرِ الْمَغَانِمِ وَقَدْ كَانَ بِيَدِهِ مَالًا مِنْ مَالِهِ فَقَالَ رسول الله ((مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ))
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا قَضِيَّةٌ مَاضِيَةٌ مِنْ رسول الله قضى بها فِي مَوَاطِنَ شَتَّى أَلَّا خِيَارَ فِيهَا لِأَحَدٍ
وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ فِي ذَلِكَ
وفي هذا الباب
٩٤٣ - مالك عن بن شِهَابٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عن الأنفال فقال بن عَبَّاسٍ الْفَرَسُ مِنَ النَّفْلِ وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفْلِ قال ثم عاد الرجل لمسألته فقال بن عَبَّاسٍ ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا هِيَ قَالَ الْقَاسِمُ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أن يحرجه ثم قال بن عَبَّاسٍ أَتُدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ