وَإِنْ كَانَ قَدْ رُوِيَ بِالْوَجْهِ الْآخَرِ خَبَرٌ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ مَنْ يَغْزُو ويلتمس الدنيا بإسناده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ فَقَالَ ((يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو إِنْ قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا وَإِنْ قَاتَلْتَ مُكَاثِرًا بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ أَوْ قُتِلْتَ بَعَثَكَ اللَّهُ تَيْكَ الْحَالِ))
وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يذهبون إلى أن لا عَمَلَ عَلَى الشَّهِيدِ الْمَقْتُولِ فِي الْمَعْرَكَةِ وَغَيْرِهَا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَجَائِزٌ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ مَنْ خَصَّ قَتْلَ الْكَفَّارِ فِي الْمَعْرَكَةِ
٩٥٤ - وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ صَلَّى لَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً يُحَاجُّنِي بِهَا عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
قال أبو عمر في سماع بن الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ هَذَا قَالَ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ الْإِسْلَامِ حُجَّةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أن عمر أراد أن لا يَكُونُ قَتْلُهُ بِيَدِ مُؤْمِنٍ لَا يَخْلُدُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ تَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ بِتَوْحِيدِهِ وَصَلَاتِهِ وَسُجُودِهِ يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنَ النَّارِ قاتله بعد أن يناله مِنْهَا مِقْدَارَ ذَنْبِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ قَاتِلُهُ مُخَلَّدًا فِي النَّارِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً وَلَمْ يَعْمَلْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْإِيمَانِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ((يُحَاجُّنِي بِهَا عِنْدَكَ يوم القيامة)) أن يقتله مَنْ تَأَوَّلَ فِي قَتْلِهِ تَأْوِيلًا سَابِقًا فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عند الله مبطلا أو مخطئا فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِذَلِكَ
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُقَامُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا وَلَا تُسْمَعُ مِنْهُ حُجَّةٌ لِأَنَّ حَجَّتَهُ دَاحِضَةٌ وَلَا تَأْوِيلَ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ مُوَحِّدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
٩٥٥ - وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ