قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحِدِّيثِ خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ وَإِنْ كَانَتِ الْوَاحِدَةُ هِيَ النُّسُكُ وَالْأَوَّلُ شَاةُ لَحْمٍ لِأَنَّهُ ذَبَحَهَا يَتَوَلَّى بِهَا النُّسُكَ فَلَمْ تَجُزْ عَنْهُ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ أَرَادَ بِهَا النسك وجزت عنه الْآخِرَةُ لِأَنَّهُ ذَبَحَهَا فِي وَقْتِ النُّسُكِ فَكَانَتْ خَيْرَهَا لِأَنَّهَا جَزَتْ
قَالَ وَقَوْلُهُ وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ - يَعْنِي الْعَنَاقَ - وَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً وَلَا تُجْزِئُ الْجَذَعُ لِغَيْرِهِ إِلَّا مِنَ الضَّأْنِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الْأَنْعَامِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْمَعْزِ لَا يُجْزِئُ هَدْيَةً وَلَا ضَحِيَّةً وَالَّذِي يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ وَالْهَدْيِ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ فَمَا فَوْقَهُ وَالثَّنِيُّ مِمَّا سِوَاهُ فَمَا فَوْقَهُ مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ
وَالْجَذَعُ مِنَ الضأن بن سَبْعَةِ أَشْهُرٍ قِيلَ إِذَا دَخَلَ فِيهَا وَقِيلَ إِذَا أَكْمَلَهَا
وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَرْقُدَ صُوفُ ظَهْرِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَالَتِ الْأَعْرَابُ فَذَا جَذَعٌ
وَثَنِيُّ الْمَعْزِ إِذَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ
وَثَنِيُّ الْبَقَرِ إِذَا أَكَمَلَ لَهُ سَنَتَانِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ
وَالثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ إِنَّمَا كَمُلَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَكَانَ سِاكِنًا بِمِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَبْحُهُ كَذَلِكَ
وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ ذَبْحِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِلضَّحِيَّةِ
فَقَالَ مَالِكٌ يَذْبَحُ أَهْلُ (الْبَادِيَةِ) إِذَا نَحَرَ أَقْرَبُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْقُرَى إِلَيْهِمْ فَيَنْحَرُونَ بعده فإن لم يفعلوا وأخطؤوا ونحروا قبله أَجْزَأَهُمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَقْتُ الذَّبْحِ وَقْتُ صَلَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حِينِ حَلَّتِ الصَّلَاةُ وَقَدْرُ خُطَّتَيْنِ
وَأَمَّا صَلَاةُ مَنْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ فِيهَا وَقْتٌ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالطَّبَرِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ ذَبَحَ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ قَبِلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الْعِيدِ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ
وَقَالَ عَطَاءٌ يَذْبَحُ أَهْلُ الْقُرَى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ