خَفَّفَ الْحَرَكَةَ وَهُوَ جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ ذَبْحِ الْمَرْأَةِ وَعَلَى إِجَازَةِ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ
وَأَكْثَرُهُمْ يُجِيزُونَ ذِلَكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةً إِذَا أَحْسَنَتِ الذَّبْحَ
وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِذَا أَطَاقَ الذَّبْحَ
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَقَالَ بن عَبَّاسٍ مَنْ ذَبَحَ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَكُلْ
وَأَمَّا التَّذْكِيَةُ بِالْحَجَرِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ
وَاسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ مِنْ جَوَازِ كُلِّ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ
وَرَدُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ عَلَى مَنْ أَبَى مِنْ أَكْلِ ذَبِيحَةِ السَّارِقِ وَالْغَاصِبِ
فَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ ذَبِيحَةِ السَّارِقِ وَالْغَاصِبِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَتَقَدَّمَهُمَا إِلَى ذَلِكَ عِكْرِمَةُ وَهُوَ قَوْلٌ شاذ عنهم
وقد ذكر بن وهب في ((موطإه)) بِإِثْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ هَذَا قَالَ بن وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَلَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الْمَذْهَبَ حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّاةِ الَّتِي ذُبِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى)) وَهُمْ مِمَّنْ تَجُوزُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ مِثْلُهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ذَكِيَّةً مَا أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ