كَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا وَالْغَرْبَلَةِ وَالِامْتِهَانِ وَشِبْهِهِ وَكَرَاهِيَتِهِ لِبَيْعِهَا وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا حَدِيثُهُ بِذَلِكَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ
وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وقال أَمَّا أَنَا فَأَسْتَقِي بِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِي وَأَكْرَهُهُ لِغَيْرِي
وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْبَابٌ لَا يَقُومُ عليه دليل
والدليل بمشهور الحديث عن بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((أَيُّمَا إِهَابٌ دُبِغَ فَقَدْ طهر)) على أَنَّ الْبَيْعَ عِنْدَهُمْ مِنْ بَابِ الِانْتِفَاعِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَيُّمَا إِهَابٌ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ فَإِنَّمَا يَقْتَضِي جَمِيعَ الْأُهُبِ وَهِيَ الْجُلُودُ كُلُّهَا لِأَنَّ اللَّفْظَ جَاءَ فِي ذَلِكَ مَجِيءَ عُمُومٍ وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِثْلَهَا
وَهَذَا أَيْضًا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ
فَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا مَذْهَبَهُ فِي أَنَّهَا طَهَارَةٌ غَيْرُ كَامِلَةٍ عَلَى مَا وصفنا عنه وعليه أصحابه إلا بن وَهْبٍ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ
وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ إِلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ لِأَنَّهُ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ حَيًّا وَمَيِّتًا وَجِلْدُهُ مِثْلُ لَحْمِهِ فَلَمَّا لَمْ تَعْمَلْ فِي لَحْمِهِ وَلَا فِي جِلْدِهِ الذَّكَاةُ لَمْ يَعْمَلِ الدِّبَاغُ فِي إِهَابِهِ شَيْئًا
وَرَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ إِذَا دُبِغَ فقال لا ينتفع به
رواه بن وَضَّاحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ مَعْنِ بن عيسى
قال بن وَضَّاحٍ قَالَ لِي سَحْنُونُ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا دُبِغَ
وَكَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ
وَحُجَّتُهُمْ عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ
وَأَنْكَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْقَوْلَ
وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ مِنْهُمْ النَّضِرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَّ الْإِهَابَ جِلْدُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَمَا عَدَاهُ فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ جِلْدٌ لَا إِهَابٌ
حَكَى ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ)) إِنَّمَا يُقَالُ الْإِهَابُ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَأَمَّا السِّبَاعُ فجلود