مِنَ الْقُرْآنِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ لِلْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَهْرٌ وَإِنَّمَا زَوَّجَهُ إِيَّاهَا لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ عَلَى إِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ فَتَزَوَّجَهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَكَانَ الْمَهْرُ مَسْكُوتًا عَنْهُ فِي الْحَدِيثَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ أَوْ سُورَةٍ مِنْهُ مَهْرًا
وَقَالَ إِسْحَاقُ هُوَ نِكَاحٌ جَائِزٌ
وَكَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أَجْرِ التَّعْلِيمِ
هَذِهِ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ عَنْهُ
وَرَوَى عَنْهُ الرَّبِيعُ فِي ((الْمُوَطَّأِ إِنَّهُ إِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّ تَعْلِيمَ النصف لا يوقف على حد
وَمِنَ الْحُجَّةِ لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ يَصِحُّ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا
قَالُوا وَلَا مَعْنَى لِمَا اعْتَرَضُوا عَلَيْهِ مِنْ دَفْعِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ)) لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَسَاقَتَهُ يُبْطِلُ تَأْوِيلَهُ لِأَنَّهُ الْتَمَسَ فِيهِ الصَّدَاقَ بِالْإِزَارِ وَخَاتَمِ الْحَدِيدِ ثُمَّ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ الْقُرْآنِ فِي الصَّدَاقِ غَيْرُ ذَلِكَ
وَقَدْ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بْنِ مُضَرَ حَدَّثَهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي الَّذِي أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْكِحَ بِمَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّ ذَلِكَ فِي أُجْرَتِهِ عَلَى تعليمها ما معه من القرآن
وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا خَيْرَ فِي هَذَا النِّكَاحِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَكُونُ لَهَا بَعْدَ الدخول صداق المثل
قال بن الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَ بِقَصَاصٍ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا
وَقَالَ سَحْنُونٌ النِّكَاحُ جَائِزٌ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى خِدْمَةِ سَنَةٍ إِنْ كَانَ عَبْدًا فَلَهَا خِدْمَتُهُ سَنَةً وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا