وَاسْتَدَلُّوا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ أَوِ الثَّيِّبِ وأن مَالَهَا كَمَالِ غَيْرِهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ مَا احتسبته لَهَا بِبُضْعِهَا أَوْ بِغَيْرِ بُضْعِهَا هُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهَا حَرَامٌ عَلَى أَبِيهَا إِتْلَافُهُ عَلَيْهَا وَأَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا مِنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ إِذَا لَمْ تَطِبْ نَفْسُهَا بِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ إِذَا أَنْكَحَ أَمَةَ ابْنَتِهِ وَاكْتَسَبَ لَهَا الصَّدَاقَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ دُونَ إِذْنِ سَيِّدَتِهَا ابْنَتِهِ فَكَذَلِكَ صَدَاقُ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْجَمِيعِ لَوْ خَالَعَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ امْرَأَتَهُ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَهَبَهُ فَكَذَلِكَ مَهْرُ الْبِكْرِ مِنْ بَنَاتِهِ
وَقَدِ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ
فَقَالَ مَالِكٌ جَائِزٌ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ وَزُفَرُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا
وَقَالَ مَالِكٌ جَائِزٌ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ تَحْتَ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ فَتُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا إِنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ هَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنَ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا
وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمَ بَقِيَ عَلَى نِكَاحِهِ مَعَهَا بِإِجْمَاعٍ لَا خِلَافَ فِيهِ
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنَ التَّابِعِينَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ دُونَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ مَا لَهَا فِعْلُهُ وَهُوَ لَمَّا أَبَى مِنَ الْإِسْلَامِ جَاءَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ
وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عَنْهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ - (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُمَا تَنَاكَحَا عَلَى دِينِهِمَا ثُمَّ أَتَى مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ الْفِرَاقَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ مَسِيسٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ شَيْءٌ