قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْلُهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ حُرٍّ جَامَعَ جِمَاعًا مُبَاحًا بِنِكَاحٍ وَكَانَ بَالِغًا فَهُوَ يُحَصَّنُ
وَسَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً
وَكَذَلِكَ كُلُّ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ بَالِغٍ جُومِعَتْ بنكاح صحيح نكاحا مباحا فهي تحصنه وَزَوْجُهَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَلَا يَقَعُ الْإِحْصَانُ وَلَا يَثْبُتُ لِكَافِرٍ وَلَا لِعَبْدٍ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى
وَلَيْسَ نِكَاحُ الْحُرِّ لِلْأَمَةِ إِحْصَانًا لِلْأَمَةِ وَلَا نِكَاحُ الذِّمِّيِّ لِلذِّمِّيَّةِ إِحْصَانًا عِنْدَهُ
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ غَيْرِهِ فِي رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّيْنِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَالْوَطْءُ الْمَحْظُورُ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا يَقَعُ بِهِ إِحْصَانٌ
وَالصَّغِيرَةُ تُحَصِّنُ الْكَبِيرَ عِنْدَهُ وَالْأَمَةُ تُحَصِّنُ الْحُرَّ وَالذِّمِّيَّةُ تُحَصِّنُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُحَصِّنُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَةَ وَلَا الْحُرُّ الْأَمَةَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَةَ وَلَا يَقَعُ الْإِحْصَانُ إِلَّا بِتَمَامِ الْإِيلَاجِ فِي الْفَرْجِ أَقَلُّهُ مُجَاوَزَةُ الْخِتَانِ الْخِتَانَ
فَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَحَدُّ الْحَصَانَةِ الَّتِي تُوجِبُ الرَّجْمَ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ يَكُونَ الزَّانِي حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا قد وطىء وَطْئًا مُبَاحًا فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ
وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ بِهِ إِحْصَانٌ حَتَّى يُجَامِعَهُمُ الْوَطْءَ الْمُوجِبَ الْغُسْلَ وَالْحَدَّ
وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ خَصِيًّا وَلَمْ يَعْلَمْ بِوَطْئِهَا ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ خَصِيٌّ فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ فِرَاقَهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْوَطْءُ إِحْصَانَهَا
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُحَصَّنُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِأَمَةٍ وَلَا بِكَافِرَةٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ وَهُمَا حُرَّانِ بَالِغَانِ فَهُمَا يُحَصَّنَانِ وسواء كانوا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْإِحْصَانُ أَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ بَالِغَيْنِ قَدْ جَامَعَهَا جِمَاعًا يُوجِبُ الْحَدَّ وَالْغُسْلَ
هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِمْ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي ((الْإِمْلَاءِ)) أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحَصِّنُ النَّصْرَانِيَّةَ وَلَا تُحَصِّنُهُ