ذكره بن وَهْبٍ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الله الفهري عن بن شِهَابٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي اللِّعَانِ
وَعِيَاضٌ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ مِصْرَ
وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ الْمُجْتَمِعَاتِ تَقَعُ السُّنَّةُ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي طَلَاقِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لَوْ كَانَ وُقُوعُ طَلَاقِ الثلاث المجتمعات لا يجوز لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ كَيْفَ تُطَلِّقُ ثَلَاثًا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي دِينِنَا وَشَرِيعَتِنَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ
وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا تَقَعُ السُّنَّةُ وَإِنَّمَا هِيَ بِدْعَةٌ لَازِمَةٌ لِمَوْقِعِهَا فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ طَلَاقٍ لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ أَقْوَى مِنْ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ لَمْ يَحْتَجْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا لَا مَعْنَى لَهُ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاجْتَلَبْنَا أَقْوَالَ الْقَائِلِينَ فِيهَا فِي أول كتاب الطلاق
وأما قول بن عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُمَّ لَا يَنْتَفِي عَنْهَا وَلَدُهَا أَبَدًا وَأَنَّهُ لَاحِقٌ بِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِوِلَادَتِهَا لَهُ لَكِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ عَنْ أَبِيهِ بِلِعَانِهِ أَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ خَاصَّةً كَأَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ فَلَا يَرِثُ أَبَاهُ وَلَا يَرِثُهُ أَبُوهُ وَلَا أَحَدٌ بِسَبَبِهِ
وَقِيلَ بَلْ أَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ فَجَعَلَ أُمَّهُ لَهُ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ
وَلِهَذَا الْحَدِيثِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلَاعِنَةِ وَسَنُورِدُ هَذَا فِي بَابِهِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ أَبَدًا
وقال مالك وعلى هذا السنة عِنْدَنَا الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا وَلَا اخْتِلَافَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ
وَبِهِ قَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ إِنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا سَوَاءٌ كَذَّبَ