وَرُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا طَعَنَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ بَانَتْ وَانْقَطَعَتِ الرَّجْعَةُ لِلزَّوْجِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ حَيْضَتِهَا
وروي نحوه عن بن عَبَّاسٍ
وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) الْبَقَرَةِ ٢٣٤ وَبُلُوغُ الْأَجَلِ هُنَا انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْهَا فِيمَا فَعَلَتْ مِنْ ذلك
والحديث عن بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَلَّى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ ثَوْرَ بْنَ زَيْدٍ الدِّيلِيَّ أَخْبَرَهُ عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا حَاضَتِ الْمُطَلَّقَةُ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا إِلَّا أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَطْهُرَ
وَهَذَا - لَوْ صَحَّ - احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ
وَزَعَمَ الكوفيون أن بن عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَا الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ لأنهما رويا عَنْهُمَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ
وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عن نافع عن بن عمر
ومن حديث بن شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا الَّذِي قَدَّمْنَا صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ عَنْهُمَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إِذَا طَعَنَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا وَلَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا
وَقَوْلُهُمَا هَذَا فِي عِدَّةِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ تَقْرِيبٌ عَلَى السَّائِلِ فِي الْعِبَارَةِ لِأَنَّ الطُّهْرَ لَا يُعْرَفُ بِتَقَدُّمِ الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَاحْتَجُّوا فِي أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ لَهُمْ يَقُولُ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ حيضة لابد أَنْ تَأْتِيَ بِهَا
وَاحْتَجُّوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً وَالْمُطَلَّقَةُ فِي طُهْرٍ قَدْ مَضَى لَمْ تَأْتِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِدُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ