قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا قَوْلٌ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ تُطَلَّقُ حِينَ تتزوج
وهو قول عثمان البتي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مَكْحُولٍ وَالزُّهْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَنَّهُمَا كَانَا يُوجِبَانِ ذَلِكَ عَلَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ
وكذلك اختلف عن الثوري
مروي عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَمَالِكٍ وَهَذَا قَوْلٌ ثَانٍ
وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَمَلَ قَوْلَهُ لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ عَلَى مَا قاله بن شِهَابٍ
قَالَ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ النَّذْرُ إِذَا مَلَكَهُ
قَالُوا وَإِنَّمَا جَاءَ الْحَدِيثُ ((لَا طَلَاقَ إِلَّا مِنْ بعد نكاح)) وليس فيه لا عقد طَلَاقٍ وَشَبَّهُوهُ بِعِلَّةِ الْأَجْنَاسِ أَنَّهُ يَسْتَصِحُّ فِيهَا الصَّدَقَةُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَلْحَقَ فِي مِلْكِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ هَذَا كُلُّهُ بِالْقَوِيِّ وَلَا الصَّحِيحِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالتَّحَكُّمِ وَدَعْوَى مَا لَا يَلْزَمُ دُونَ حُجَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُ طَلَاقٌ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقٌ قَبْلَ مِلْكٍ لَا إِذَا خَصَّ وَلَا إِذَا عَمَّ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ معلولة ومنهم مَنْ يُصَحِّحُ بَعْضَهَا وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يُخَالِفُهَا وَسَنَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ - زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَشُرَيْحٍ وَالْحَسَنِ