يَجُوزُ عِتْقُ الْمُبْتَاعِ لِلْعَبْدِ إِذَا ابْتَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كُلُّ شَرْطٍ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ مِمَّا كَانَ الْبَائِعُ يَمْلِكُهُ فَهُوَ جَائِزٌ مِثْلُ رُكُوبِ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَمَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ مِلْكِهِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ مِثْلُ أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ وَيَكُونَ وَلَاؤُهُ لِلْبَائِعِ وَأَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ فَهَذَا شَرْطٌ لَا يَجُوزُ وَالْبَيْعُ فيه جائز والشرط باطل
وقول بن أَبِي لَيْلَى فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ
وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ فَاسِدًا أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ عَلَى الْبَيْعِ إِلَّا بِأَنْ يَلْتَزِمَ الْمُشْتَرِي شَرْطَهُ وَعَلَى ذَلِكَ مَلَّكَهُ مَا كَانَ يَمْلِكُهُ وَلَمْ يَرْضَ بِإِخْرَاجِ السِّلْعَةِ مِنْ يَدِهِ إِلَّا بِذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ شَرْطُهُ لَمْ يُمَلَّكْ عَلَيْهِ مَا ابْتَاعَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ فَوَجَبَ فَسْخُ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا لِفَسَادِ الشَّرْطِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْهُ الْمُبْتَاعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيمَا ابْتَاعَهُ تَصَرُّفَ ذِي الْمِلْكِ فِي مِلْكِهِ
وَحُجَّةُ مَنْ رَوَى الشَّرْطَ وَالْبَيْعَ جَائِزَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ ابْتَاعَ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا وَشَرَطَ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ
وَهَذَا حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظِهِ اخْتِلَافًا لَا تَقُومُ مَعَهُ حُجَّةٌ لِأَنَّ مِنْهَا أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ الَّذِي جَرَى بَيْنَ جَابِرٍ وَبَيْنَ النَّبِيِّ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الشَّرْطَ كَانَ فِي نَصِّ العقد ومنها مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْعًا وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ وَمَعَ هَذَا الِاخْتِلَافِ لَا تَقُومُ مَعَهُ حُجَّةٌ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي هذا المعنى