لِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ مِنْهُ حَتَّى تَنْقَطِعَ ثَمَرَتُهُ لِأَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَقَطَعَتْ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ فَبَلَغَ الثُّلُثَ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ ذَلِكَ موضوعا عن الذي ابتاعه
وقال بن الْقَاسِمِ عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَزَادَ قَالَ يُنْظَرُ إلى الميقات كما لو أنها مِنْ أَوَّلِ مَا يَشْتَرِي إِلَى آخِرِ مَا يَنْقَطِعُ ثَمَرَتُهَا فَيُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى قَدْرِ ارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ وَالْأَرْضِينَ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَمْتَثِلُ فِيهِ أَنْ يُقَسِّمَ الثَّمَنَ عَلَى ذَلِكَ وَيَمْتَثِلُ مَا يجب امتثاله عند لجوائج
وَكَذَلِكَ الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالتُّفَّاحُ وَالْمَوْزُ وَالْأُتْرُجُّ وَكُلُّ شَيْءٍ يُجْنَى بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ
فَأَمَّا مَا يُخْرَصُ مِنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَمَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى ثُلُثِ الثَّمَرَةِ إِذَا أَصَابَتْهَا الْجَائِحَةُ وُضِعَ عَنِ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ فَلَا تَقْوِيمَ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إِلَى ثُلُثِ الْثَمَرَةِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى الْقِيمَةِ يوم وقفت الصفقة
وبين أشهب وبن الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ
قَالَ مَالِكٌ وَالْبُقُولُ والكراث والجزر والبصل والفجل وما أشبهه إِذَا اشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي بِكُلِّ شَيْءٍ أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَكُلُّ مَا يَيْبَسُ وَيَصِيرُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا وَأَمْكَنَ قِطَافُهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ
وَقَالَ أَشْهَبُ الْمَقَاثِي بِمَنْزِلَةِ الْبَقْلِ يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي قَلِيلُ الْجَائِحَةِ وَكَثِيرُهَا
قَالَ وَالْجَرَادُ وَالنَّارُ وَالْبَرَدُ وَالْمَطَرُ وَالطَّيْرُ الْغَالِبُ وَالْعَفَنُ وَالسُّمُومُ وَانْقِطَاعُ مَاءِ الْعُيُونِ كُلُّهُ مِنَ الْجَوَائِحِ إِلَّا الْمَاءَ فَإِنَّهُ يُوضَعُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ سَبَبِ مَا يُبَاعُ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْجَائِحَةُ مِنَ الْبَائِعِ كُلُّهَا قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَلَمْ يَلْتَفِتُوا فِي ذَلِكَ إِلَى الثُّلُثِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَصْحَابُهُمَا مَنِ اشْتَرَى ثَمَرَةً مِنْ نَخْلٍ أَوْ مِنْ سَائِرِ الشَّجَرِ كَانَتْ أو زرعا في أرض أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فِي حَالٍ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ فَقَبَضَهُ بِمَا يُقْبَضُ بِهِ مِثْلُهُ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ أَهْلَكَتْهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي