نُقْصَانَ فِي أَحَدِ الْكِفَّتَيْنِ وَلَا زِيَادَةَ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى وَزْنٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْوَزْنِ فَإِنْ كَانَتِ الْمُرَاطَلَةُ ذَهَبًا بِذَهَبٍ فَزَادَتْ إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ فِيهَا وَرِقًا أَوْ كَانَتِ المراطلة وَرِقًا بِوَرِقٍ فَأَخَذَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ فِيهَا ذَهَبًا فهو موضع اختلف في الْفُقَهَاءُ
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَهَبٌ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَلَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِفِضَّةٍ عَلَى حَالٍ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا زَادَ فِي الْمُرَاطَلَةِ مِنْ أَحَدِ الذَّهَبَيْنِ بِفِضَّةٍ وَلَا مِنْ أَحَدِ الْفِضَتَيْنِ بِذَهَبٍ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ مَعَ الصَّرْفِ بَيْعٌ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ بَيْعُ فضة بنوعين من الفضة وَلَا بَيْعُ فِضَّةٍ بِنَوْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ بَيْعُ أَلْفِ دِرْهَمٍ سُودٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِيضٍ وَسُودٍ وَلَوْ كَانَتْ بَيْضٌ كُلُّهَا بِسُودٍ كُلِّهَا جَازَ لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَحَقَّ أَحَدُ الذَّهَبَيْنِ رَجَعَ فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ فَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ
وَأَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّهُ ذَهَبٌ بِذَهَبٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَفِضَّةٌ بِفِضَّةٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ
قَالُوا وَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ بِالْمُمَاثَلَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِهَا فِي الْوَرِقِ لَا فِي الْقِيمَةِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ غَرَرٌ أَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْدِثَ الْفَضْلَ بِقِيمَتِهَا إِزَاءَهُ
وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ
وَإِنَّمَا أَجَازُوا ذلك لأنهم جَعَلُوا مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِإِزَاءِ الْعَشَرَةِ الدَّرَاهِمِ وَجَعَلُوا الدِّرْهَمَيْنِ بِإِزَاءِ الدِّينَارِ ومعلوم أن الدرهمين ليستا ثمنا للدينار فَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ لَا مَحَالَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمِنْ حجتهم أن قالوا جائز بيع دينار بدرهم يَدًا بِيَدٍ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ لِنَفْسِهِ جَائِزِ الْأَمْرِ فِي مَالِهِ فَإِذَا جَعَلْنَا مَا زَادَ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ مِنَ الْفِضَّةِ مُقَابِلًا مُوَازِنًا لِلذَّهَبِ جاز لأن قَدْ بِعْنَا الْعَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِثُلْثِهَا وَزْنًا وَإِلَّا خَرَجَ عَلَيْنَا فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ مُتَفَاضِلًا مثلا