قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الْأَجَلُ وَكَرِهَ الطَّعَامَ أَخَذَ بِهِ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا الْإِقَالَةُ مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ أَوْ بِشَيْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بالإقالة وإنما تَصِيرُ الْإِقَالَةُ إِذَا فَعَلَا ذَلِكَ بَيْعًا وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الْإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذِهِ يُغْنِي عَنِ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ إِذَا أَقَالَهُ فِي جَمِيعِ السَّلَمِ وَأَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ مَالِهِ فِي حِينِ الْإِقَالَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَأَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ مَعَهُ وَمَعَ غَيْرِهِ إِذَا بَانَ بِمَا قَبَضَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَى نَفْسِهِ
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَيَأْتِي ذَلِكَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ لَهُ النَّظِرَةَ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ كَالزِّيَادَةِ وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ صَارَتْ بَيْعًا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ الْإِقَالَةِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ بَيْعِهِ لَكِنْ بِرَأْسِ الْمَالِ لَا زِيَادَةَ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ فِيهِ وَالشَّرِكَةِ فِي بَابٍ جَامِعٍ بِيعَ الطَّعَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَلِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي التَّأْخِيرِ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ
وَالْآخَرُ أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مَعْرُوفٌ وَفِعْلٌ حَسَنٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا صَفْقَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ))
قَالَ مَالِكٌ مَنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ
قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَنَّ سَلَّفَ فِي صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا